يرى أهل العلم وبالإجماع: أن الحب والبغض إنما يكون في الله ولله وما يتعلق به جل جلاله، وما عدا ذلك فكله سراب لا يغني مثقال ذرة يوم (يصدر الناس أشتاتا ليُروا أعمالهم، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) كما جاء في سورة «الزلزلة» التي نزل بها من رب العباد سبعون ملك كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في محادثته لأُبي بن كعب برواية الإمام مسلم. وفيما يتداول عامة الناس حديثاً نبوياً رواه محمد بن سرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أراه رفعه: «أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك يوماً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما». قال العلامة الألباني رحمه الله في «غاية المرام»: قلت: إسناد حديث أبي هريرة عندي جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ليس فيهم من يُنظر في حاله سوى سُويد بن عمرو الكلبي، وقد قال النسائي وابن معين: ثقة. وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث، وكان رجلاً صالحاً متعبداً . ولم يتكلم فيه غير ابن حبان كما رأيت، فلا يلتفت إليه لا سيما وهو من رجال مسلم، وقد أحسن الذهبي حين قال في «الميزان»: وأما ابن حبان، فأسرف واجترأ، فقال: كان يقلب الأسانيد ... ثم نسي الذهبي هذا فأورده في «الضعفاء» من أجل كلام ابن حبان هذا)). ويقول فقهاء الحديث: يحث النبي عليه السلام أمته على الاعتدال في جانبي المحبة والبغض حتى لا يؤدي ذلك إلى الإسراف ومجاوزة الحد. قال العلامة ابن الأثير رحمه الله في «النهاية»: أحبب حبيبك هونا ما، أي حباً مقتصداً لا إفراط فيه وإضافة «ما» إليه – أي لهون – تفيد التقليل: يعني لا تسرف في الحب والبغض، فعسى أن يصير الحبيب بغيضا، والبغيض حبيبا، فلا تكن قد أسرفت في الحب فتندم، ولا في البغض فتستحي منه إذا أحببته. قال العلامة ابن العربي المالكي رحمه الله: معناه أن القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضاً وعكسه فإذا أمكنته من نفسك حال الحب ثم عاد بغيضا كان لمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «لا يكن حبك كلفاً ولا يكن بغضك تلفاً». فقلت: كيف ذاك؟ قال: «إذا أحببت كَلِفتَ كلف الصبي، وإذا أبغضت أحببت لصاحبك التلف». وعليه أنشد هدبة بن خشرم: وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت راجعُ وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى فإنك راءٍ ما عملت وسامعُ وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا فإنك لا تدري متى أنت نازعُ ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله: «أحبوا هونا وأبغضوا هونا فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا، وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا». وقال محمد بن الحنفية: «ليس بحكيم من لا يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بداً حتى يجعل الله له فرجا أو مخرجا» .. والله أعلم. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة