لم يدر بخلد سكرتير فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينة أمين بوكا (27 عاما)، أن المبنى الذي اتجه إليه باحثا عن الرزق، سينهي أحلامه يوما ويقضي على زهرة شبابه. حيث استيقظ فنانو ومنسوبو فرع جمعية الثقافة والفنون بالمدينةالمنورة صباح أمس على فاجعة وفاة سكرتير الفرع "الموريتاني الجنسية" إثر سقوط جدار سور الجمعية المشترك مع مزرعة عليه، فيما كان يحاول فتح باب الجمعية لبدء عمله. وفي التفاصيل يوضح أحد منسوبي فرع الجمعية أحمد الرفاعي وهو رئيسه المباشر، أن زميله المتوفى "بوكا" وحيد والديه، ويتصف بأخلاق عالية، وقال: لقد أبلغني قبل يومين بأن السور يحتاج إلى ترميم، وأنه مستعد لجلب عامل لترميمه. وأشار الرفاعي إلى أن عامل البناء لم يأتِ، وفيما كان "بوكا" صباح أمس يحاول فتح باب الفرع، انهار عليه السور المتهالك وظل وحيدا تحت الأنقاض، حتى انتقل إلى رحمة الله قبل وصول أول المنقذين إليه. وفي الوقت ذاته، لم يمض على حلم المبدعين والفنانين في المدينةالمنورة بإنشاء مركز ثقافي لهم بدل المبنى المتهالك على طريق المطار سوى عامين. حيث عبروا من خلال "الوطن" عن هذه الأحلام "المشروعة" في 1 يوليو 2010 تحت عنوان "إنشاء مركز ثقافي بالمدينة طوق نجاة للإبداع". وكانت "الوطن" نشرت على لسان مدير الجمعية السابق الدكتور عبد العزيز كابلي، "أن المركز الثقافي الذي اعتمد إنشاؤه في المدينة سيزيل معاناة الفنانين في ظل عدم توافر الإمكانات الفنية والتقنية التي تلائم الحراك المسرحي والفني، وفي ظل ضعف المبنى المتهالك في خدمة الفنانين وإنشاء قسم خاص للنساء". لكن هذه التصريحات والأحلام ما زالت قيد الافتراضات والدراسات، ليبقى فرع الجمعية في مبناه القديم متجاوزا 3 عقود، والواقع في أطراف مزرعة ويشارك مدخله محطة للوقود. الدفاع المدني في منطقة المدينةالمنورة أوضح على لسان المتحدث الرسمي العقيد خالد مبارك الجهني، أن غرفة العمليات تلقت بلاغا عن سقوط جدار بطول 14 مترا وارتفاع ثلاثة أمتار تابع للجمعية العربية للثقافة والفنون على طريق المطار النازل، على أحد موظفي الجمعية، وتم إخراج الموظف من بين أنقاض الجدار ونقله إلى مستشفى الميقات متوفيا. من جهته، أوضح مدير جمعية الثقافة والفنون بالمدينة عيد الحجيلي ل "الوطن"، أن الإدارة لديها علم بتهالك المبنى وقال "كنا بصدد البحث عن مبنى آخر مستأجر للانتقال إليه فهناك اتفاق مسبق مع النادي الأدبي على المقر". وبين الحجيلي أنه استلم إدارة الجمعية في شعبان الماضي وأن المبنى سبق وأن رمم قبل ما يقارب عام ونصف لكن السور الخارجي لم يلحقه الترميم، ناقلا تعازيه لذوي المتوفى وأن يلهمهم الصبر والسلوان في فقيدهم. مدير مكتب رعاية الشباب بالمدينة إبراهيم مصباح حمل إدارة الجمعية مسؤولية ما حدث، وقال "المبنى في عهدة الجمعية منذ ثلاثين عاما حين كانت الجمعية تتبع للرعاية، وبعد انفصالها وانضمامها لوزارة الإعلام ظلت الجمعية في المقر الذي يتبع للرعاية بدون مقابل لحين إيجاد مقر لهم، ولكن الجمعية هي المسؤولة عما حدث لعدم إبلاغنا عن ميلان الجدار أو عن تهالك المبنى إلا بعد سقوطه". آخر كلمات "أطيب الناس" كان آخر ما كتبه الراحل أمين بوكا على صفحته الشخصية في موقع التواصل "فيسبوك" قبل قرابة 10 ساعات من ساعة وفاته، وهي كلمات للكاتب محمد الرطيان يقول فيها: لا تُحسن الظن حد الغباء.. ولا تسئ الظن حد الوسوسة. وليكن حسن ظنك: ثقة، وسوء ظنك: وقاية. فيما عبّر الفنان التشكيلي محمد الخطابي عن مشاعره تجاه المتوفى في صفحة الجمعية على الموقع نفسه، بقوله "اللهم ارحمه واغفر له واجعل الفردوس الأعلى مقرا له..أكتب هذا الكلام وقلبي يتقطع عليه، فهو بحق من أطيب الناس الذين عرفتهم في حياتي، طيب القلب.. شهم وشجاع.. محب للفن..على درجة عالية من الوعي والثقافة، متفائل بالحياة".