الغريب أنه منذ بداية العام الدراسي، يبدأ الطلبة يعدون الأيام التي تفصلهم عن العطلة المدرسية اللاحقة، ومع عناء الدراسة وهموم الاختبارات يزداد الشوق إلى الراحة والاسترخاء أكثر، وليس خافيًا أن كثيرا من التلاميذ يتقاعسون عن أداء واجباتهم المدرسية فيؤجلون كتابة تمارينهم وحفظ دروسهم بل ولا يجدون صعوبة في اختلاق مختلف الحجج، وافتعال الكثير من الأسباب لتبرير سلوكهم هذا، مع أن هذا الأمر سيسبب لهم الكثير من المشكلات وعلى رأسها تراكم الدروس، وصعوبة استيعابها فيما بعد، مما يؤثر سلباً على مستوى تحصيلهم الدراسي قياسا بزملائهم المجدين. وبما أن الطلاب يختلفون في الطباع والميول وفي معدل قياس الذكاء الوراثي والذكاء الاجتماعي، وفي درجة الاستعداد الشخصي لخوض امتحانات آخر السنة، وأن المدرسة ستبقى هي مجال التربية والتعليم المتخصص لأبنائنا، فمن الحكمة أن نعرف وظائفها التي من أجلها وجدت لتؤديها، وأن نحدد أفضل الأساليب التربوية لنحسن الاستفادة منها ولتتكامل جهودنا معها. نركض طوال الوقت حتى لا نضيع جهود أبنائنا الطلاب وتشتت قدراتهم في ظل تعدد وسائل الاتصالات الحديثة، وهذا الفضاء المفتوح على العالم وكأنه قرية كونية صغيرة، وما يحويه من وسائل تواصل اجتماعية وترفيهية، جعلت منهم لصوصا لأوقاتهم، فأصعب دور الأسرة في أقله القليل حثّ أبنائها إلى المبادرة للاستذكار والتحضير والاجتهاد أولا بأول من بداية العام الدراسي. وأن للوقت قيمته للإنسان ولتاريخه، وتوطين أنفسهم على الصبر من أجل تحقيق التفوق والنجاح، مع انتشار وباء اللامبالاة بين الطلاب، الذي أصبح ظاهرة مخيفة في مؤسساتنا التعليمية. من وجهة نظر التربويين أن هناك عدة أسباب شائعة تكمن وراء هذه المشكلة، فالطالب الذي يكون الحافز لديه ضعيفًا تجاه الدراسة، يمكن التعرف عليه بسهولة لأنه لا يهتم أبدا بإنجاز واجباته، ولا يقدر في الواقع حق التقدير قيمة الفوائد والنتائج الإيجابية المترتبة على إنجاز الواجبات المدرسية في الوقت المناسب وبشكل جيد، وهذا نتيجة الإهمال واللامبالاة وعدم اكتراث الطالب بالتعليم من أجل نفسه على الأقل، أو حتى ليكون فردا صالحا نافعا لأسرته ومجتمعه. من التلاميذ من يتصف بالتمرد ويرى أن تأجيل واجباته المدرسية هو من قبيل التملص منها كنوع من المقاومة لبعض الضغوط التي يتعرض لها في منزله، أو كطريقة لمعاقبة والديه، والبعض من التلاميذ قد يؤجلون مراجعة دروسهم بدعوى الملل من مضمونها الجاف أو بسبب كرههم لشخصية المعلم، فيتوقفون شيئا فشيئا عن القراءة قبل أن يكتشفوا متأخرين كم من الوقت الثمين قد ضاع وأنه لم يعد أمامهم متسع من الوقت ليتداركه فيقع في الفشل. إذن فالأسباب متعددة في حدوث الفشل الدراسي الراجع أساسا إلى علة تأجيل أداء الواجبات المدرسية ومراجعتها واستذكارها استعدادا لقرب موسم الامتحانات، والقيام بالمهام الدراسية المكملة للعملية التعليمية مثل النشاطات التربوية الهادفة.