في تطور متسارع، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول عوض ابن عوف، مساء أمس، تنازله عن منصبه هو ونائبه الفريق أول كمال عبدالمعروف، وذلك بعد نحو 30 ساعة من توليه رئاسة المجلس، وعزله الرئيس عمر البشير. وقال عوض ابن عوف في بيان موجه للأمة: «أعلن تنازلي عن منصبي وتعيين المفتش العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان رئيسا للمجلس العسكري». كما أعلن عن تنحي رئيس هيئة الأركان كمال عبدالمعروف عن منصبه نائبا لرئيس المجلس، مؤكدا «حرص القوات المسلحة على تماسك المنظومة الأمنية في البلاد». وكان ابن عوف، قد أعلن أول من أمس اقتلاع نظام عمر البشير، والتحفظ على رأسه في مكان آمن وتعطيل الدستور، كما أعلن عن تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسته لإدارة البلاد لمدة عامين، فيما جاء الإعلان عن تنحيه من رئاسة المجلس، ليمثل متغيرا مفاجئا وسط احتشاد مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع المحيطة بمقر القوات المسلحة وسط الخرطوم، في تحدٍّ واضح لقرارات المجلس الانتقالي بفرض حالة الطوارئ، وحظر التجول من الساعة العاشرة مساء إلى الرابعة صباحا. حكومة مدنية كان رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عمر زين العابدين، قد أكد في مؤتمر صحفي بالخرطوم صباح أمس، أن الحكومة الجديدة في السودان ستكون مدنية، مشددا على أن المجلس "لم يأت بحلول ولا يطمع في السلطة"، وأن مهمته الأساسية حفظ أمن واستقرار البلاد، موضحا أن المجلس العسكري سيحتفظ بوزارتي الدفاع والداخلية، ولن يتدخل في عمل الحكومة المقبلة. الدروس السابقة أعلن الفريق أول زين العابدين، أن الفترة الانتقالية يمكن أن يتم تقصيرها، مشيرا إلى الاستفادة من "الدروس السابقة". وقال: "فترة المجلس العسكري تمتد عامين، هذا هو الحد الأقصى، لكن إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى، يمكن أن ينتهي أمده". وأكد زين العابدين العزم على "إجراء حوار مع كل الكيانات السياسية لتهيئة المناخ للتبادل"، مضيفا "لابدّ من التوافق على طريقة حضارية لإدارة الحوار". الاستجابة لرغبة الشعب رفض زين العابدين اتهام المجلس الانتقالي في السودان بأنه من صنيعة حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، قائلا: «هذا كلام غير صحيح»، مبينا أن المجلس العسكري «لم يقم بانقلاب لكنه استجاب لرغبة الشعب السوداني»، مضيفا: «الشعب تظاهر أمام مقر قيادة الجيش، ليطلب منا استلام السلطة فاستلمناها». وكشف أن مهمة المجلس العسكري الانتقالي الأساسية حفظ استقرار البلاد، مشددا على عدم السماح بأي عبث في البلاد. الموقف من البشير ذكر زين العابدين أن اللجنة الأمنية مخولة بالكشف عن أسماء رموز النظام، التي اعتقلت أو ستعتقل، مشيرا إلى أن الرئيس المعزول عمر البشير «الآن متحفظ عليه، ولن يسلم للمحكمة الجنائية الدولية»، من دون تفاصيل إضافية عن مكان وجود البشير. وأكد زين العابدين أنه سيتم «تقديم مطلقي النار على المتظاهرين إلى القضاء»، وتابع: «البلاد ستدار في المرحلة الراهنة من خلال المراسيم». وبين أن «النظام السابق كانت له وجهة نظر أمنية بحتة، ولم تكن هناك أفق لحلول أخرى، لذلك قررت اللجنة الأمنية العليا أن تحدث تغييرا في السودان بعد عدم الاستجابة للمطالب». وأضاف: «كلفنا كل القيادات، رؤساء وقادة القوات، بالحصول على تفويض لإحداث التغيير، الحمد لله كل هذه القوات وافقت على التغيير»، مشيرا إلى أن ردود الفعل الخارجية على التطورات في البلاد كانت إيجابية. وقال إن المجلس لم يأت بحلول «لأنها تأتي من المعتصمين، نحن أبناء القوات المسلحة وجئنا لترتيب التداول بشكل سلمي وحفظ استقرار بلادنا». وأردف قائلا: «نحن حماة مطالب ما تريدون، لكن ذلك سيحصل بالتوافق والإجماع بين الكيانات المنظمة للعمل السياسي، لن نملي أي شيء على الناس، نحن مع مطالبهم ونحن جزء منهم».