هل هي مرحلة التحول من الاختراق والسيطرة الاستعمارية بالتنوير العلمي والتبشير الكنسي إلى محاولة استدامة السيطرة بالاختراق اللاأخلاقي والتهديد المكشوف باستخدام القوة العسكرية المفرطة بلا حدود والمقاطعة والتجويع؟. سيطرت ما تسمى الحضارة (والصحيح المدنية) الغربية المسيحية خمسة قرون على حكومات وشعوب وخيرات العالم بتسخير السبق العلمي خارج حدودها للتسلح العسكري المرعب في اليد اليمنى وبالإنجيل والتوراة في اليسرى، وباختيار الأحلاف والوكلاء والعملاء بكل مهارة استشرافية واستخبارية وبحثية اجتماعية ديموغرافية. هل ما يتبلور عالمياً الآن هو أن إمكانيات التحكم والسيطرة القديمة على العالم تتآكل لتحل مكانها محاولات الاختراق اللاأخلاقي باستخدام التجييش الإعلامي، وبالترويج الجنسي المثلي المنحرف، ولكل زمان ومكان ظروفه ووسائله؟. علم الوراثة الحديث الذي للغرب أكبر المساهمات فيه يحدد بوضوح لا لبس فيه أن البصمة البشرية الجنسية في الجينوم الوراثي للذكر والأنثى هدفها الوحيد هو البقاء والتكاثر، وما كان خارجاً عليها من ممارسات يعتبر غير سوي ولا يخدم البقاء والتكاثر ويجلب أشد الأمراض فتكاً بالممارس الفرد وبالمجتمعات. الطفرات الوراثية النادرة التي تحدث في الجينوم البشري ليست ذات صلة إيجابية إطلاقاً بالبقاء والتكاثر ولا تخرج عن احتمالين: طفرة مفيدة لمن تحدث فيه قد تصحح اختلالاً جينياً أو طفرة ضارة تسبب استعداداً لمرض أو أمراض يمكن توريثها للخلف. التحولات الجنسية الرغبوية والمثلية وحريات التصرف بالجسد جنوحات شاذة علمياً وشرائعياً واجتماعياً وأخلاقياً من شأن دمجها في الحقوق والحريات المدنية والاجتماعية تدمير النسيج الأسري والاجتماعي والانقراض البشري من الأرض في النهاية. بناءً على ما سبق، هل لهذه السحابة السوداء القادمة نحو العالم من الغرب مجندون في شرق الأرض ومعارضون في الغرب؟. النسويون والنسويات والملتحفون من الجنسين بأعلام الحريات الشخصية الجسدية إنما يخفون أعلام الطيف الميمي تحت ما يلتحفون به. هذه النوعيات وبعض المؤثرين والمؤثرات بالتواصل العنكبوتي هم الخيوط التي يبصقها العنكبوت الغربي الخنثوي في العالم بما يشمل الجغرافيا العربية الإسلامية. وهل لانتشار هذه السحابة الحالكة معارضون في الغرب نفسه؟. نعم لها معارضون من الحقوقيين وعلماء الاجتماع والمتخصصين في دراسات صعود وهبوط الأمم العارفين بظواهر ومظاهر الدول العميقة والسطحية، لكنهم مغلوبون على أمورهم بالكبت والتجاهل الإعلامي وحرمان مراكزهم البحثية من التمويل والنشر والتوزيع. عندما يطرح هنا أو هناك اقتراح تجديدي منصف من إحدى دول العالم النامي والمتنامي يهاجم في الغرب فوراً ويرفض بوصفه تهديداً للنظام العالمي والأنظمة الحقوقية الديموقراطية. إن استعمال مصطلح النظام العالمي كعصا غليظة في وجوه الأغيار والمخالفين يعني فقط لا غير أن النظام الغربي المفروض بقوة السلاح والمقاطعة والتجويع والإعلام التشويهي هو النظام العالمي الوحيد المقبول. غريب عجيب هذا الإجماع المفاجئ في كامل التكتل الغربي الأطلسي على قبول وفرض المثلية والحرية الجنسية والتحول الجندري على مواطنيه أولاً دون استفتاء جماهيري ثم على العالم كله. الإجماع السياسي في الغرب على مستوى الحكومات والصمت التمثيلي على المستوى البرلماني والاحتكار الإعلامي لتزيين الانحراف كحقوق وحريات، مع صمت الفاتيكان والكنائس يجب أن يثير الكثيرمن الأسئلة عن مصادر هذا الفكر والأهداف والتوقيت. التعليل الغربي الرسمي للمثلية وحرية التصرف في الجسد واستعمال هذا التعليل لاختراق المجتمعات على مستوى العالم، هذا التعليل كاذب ومضلل. الفقر والجريمة والإفلاس والتسريح والتشرد في الشوارع والعشوائيات هو واقع الحال المتسارع في كل الدول الغربية. حقوق العيش والسكن والعلاج والتعليم وتوفير الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية، هذه الحقوق تتآكل بسرعة مدهشة في كامل المجتمعات الغربية يلاحظها كل مبصر بصير. القفز على هذه الحقوق الأساسية ومحاولة تشريع الهمجيات الغرائزية إما أنه عهر النخب المخملية المترفة في المجتمعات الغربية، أو أنه من مخرجات المختبرات والكواليس العسكرية لشن حرب استباقية بالمفهوم الشمشوني علي وعلى أعدائي، لعلها تساعد في استدامة السيطرة والتحكم الغربية على العالم بعد خمسة قرون من الاعتياد على السمع والطاعة والخضوع للتطويع والنهب والاغتصاب. نقلا عن الجزيرة