لا يستطيع كائن من كان أن يشكك في هذا الرباط الأخوي الممتد عبر التاريخ بين مصر والمملكة العربية السعودية، فعلى مر العصور تبرهن المحطات التاريخية والمواقف التي لا حصر لها عن متانة هذه العلاقة الوثيقة والوطيدة التي لم تغيرها متغيرات الدهر؛ بل إنها تزيد ارتباطًا بمرور الأيام، مهما حاول المغرضون وأعداء الوطن أن يفتوا في عضد رباط الدم والعروبة، لتبوء محاولاتهم دائمًا بالفشل الذريع، ذلك أن هناك وعًيا شعبيًا ورسميًا وفهمًا عميقًا لطبيعة العلاقات التي تشكلها مشتركات عدة أهمها الثقافة واللغة والتاريخ ومواقفه المختلفة.. ولعل الساعين هذا السعي لإحداث الفتن يعون جيدًا مدى التأثير البالغ للتماسك العربي في شتى المواقف، فكل أسباب التماسك والتوافق والاتفاق والتعاون والمؤازرة بين مصر والمملكة العربية السعودية جميعها ترجح كفة الأمة العربية في مواجهة الريح العاتية ومخططات الهدم ومحاولات الإيقاع في براثن التخلف، ولكن هيهات، أمام رباط متجذر ودم واحد وصوت واحد ولغة واحدة وأحلام واحدة وشعب متحاب متماسك. إن التاريخ هو الذي يحدث، فلا صوت يعلو أمام صوته، إنه التاريخ الذي يرصد ويحفر في كتاب الزمن كيف زادت صلابة العلاقات المصرية حتى صارت راية خفاقة في وجه كل من تسول له نفسه التسلل؛ محاولا الهدم في البنيان العربي، هو التاريخ الذي يشهد على أن مصر كانت أول وجهة للملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية عقب توحد المملكة، قبل أن تصبح مصر جمهورية لتؤيد السعودية المطالب الوطنية المصرية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، وتساندها بكل عنفوان وشجاعة وتقف إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية. كما لا ننسى كيف أن الجيش السعودي شارك في جميع الحروب التي خاضتها الدولة المصرية منذ 1948، وكذلك تقديم الدعم اللازم بعد تعرض مصر للعدوان الثلاثي عام 1956، وتراجع البنك الدولي والولايات المتحدة عن تمويل بناء السد العالي نكاية في اتجاه مصر للتأميم والتحرر، لتكون المملكة صوت العروبة النابض بالأخوة والتكاتف حتى الساعة، كما أن الشعوب والحكومات تعرف قوة مصر في المجالات المختلفة سواء سياسيًا أو اقتصاديًا، وفي النواحي العسكرية والأمنية، وهي هنا تعد قوة مضافة للمملكة العربية السعودية ولمجلس التعاون الخليجي، ففي هذا السياق الممتد لعلنا نلاحظ الحرص الدائم والتنسيق المستمر بين القيادة المصرية وقيادة المملكة، وتأكيد الجانبين في المحافل شتى على التطلع لمستقبل زاهر يدًا بيد وبحماسة التكاتف والتعاون. ولم يكن عبثًا أو على سبيل الأحاديث المجانية ما أكده الرئيس السيسي منذ أيام بأن علاقة مصر رشيدة ومتزنة مع الجميع، وخاصة الأشقاء في السعودية، فمصر تقدر موقف المملكة الداعم لها، وتتسم سياستها بالانضباط الشديد، والجميع يعرف ذلك جيدًا.. لذا فليخلد المغرضون إلى مسعى آخر، إذ إنه أحد المستحيلات أن يحدث إي شقاق من أي نوع بين البلدين العربيين الشقيقين المترابطين برباط الدم والعروبة إلى آخر الزمن نقلا عن بوابة الاهرام المصرية 14 /2/2023