بين المملكة ومصر ما لا يستطيع مغرض أن يفسده وما لا يقوى حدث عابر أن يغيره، تلك حقيقة تاريخية يدركها أبناء الشعبين كما تدركها قيادة الشعبين، ويحرص عليها هؤلاء كما يحرص عليها أولئك، وذلك لأنهم يدركون جميعا أن مصلحة البلدين تقتضي توثيق ما بينهما من علاقات وتدعيم ما بينهما من تواصل وتنسيق، ويدركان في الوقت نفسه أن ذلك ليس من مصلحة البلدين فحسب بل من مصلحة العالمين العربي والإسلامي، وأنهما شركاء في إرساء قواعد السلام والأمن لا في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع، انطلاقا من أهمية المنطقة والتي لا يمكن للعالم أن يكون آمنا مطمئنا مستقرا إلا إذا كانت هذه المنطقة من العالم آمنة مطمئنة مستقرة. بين مصر والمملكة علاقات ثقافية واقتصادية وسياسية واجتماعية، تجعل من الشعبين شعبا واحدا وتجعل من القطرين قطرا واحدا، حين يتعلق الأمر بما يمس حياة الشعبين أو يتصل بأمن البلدين، وقد شهدت أحداث التاريخ موقف كل واحد من هذين البلدين في كل أمر عرض لهما معا أو عرض لأحدهما دون الآخر، وإذا كانت مواقف السعودية إلى جوار شقيقتها مصر معروفة لا ينكرها إلا مغرض فإن مواقف مصر إلى جانب المملكة معروفة كذلك لا يمكن أن يتنكر لها من يعرف الفضل لأهله. وقد شكل الثقل الاقتصادي والسياسي للبلدين كليهما أساسا لكل مبادرة تسعى إلى إرساء قواعد السلام العادل والشامل في المنطقة، كما منح هذا الثقل المواقف العربية صلابة وقوة انطلاقا مما تتسم به سياسة البلدين من اتزان وعقلانية وتفهم للأحداث وحنكة في التعامل معها. وعلى الرغم من ذلك كله فإن محاولات المغرضين والمتربصين التربص بالبلدين ومحاولة تعكير صفو العلاقة التي تربطهما وافتعال القضايا والمشكلات بينهما، وهي محاولات لا يمكن لها أن تنجح ما دام الحكماء في البلدين كليهما يدركون عمق العلاقة بين البلدين، كما يدركون الأهداف الدنيئة لهؤلاء المتربصين والمغرضين. في ضوء ذلك كله يكون بإمكاننا أن نؤكد أن ما يحدث اليوم من محاولة للتشويه على سمعة المملكة من بعض الأطراف في مصر لا يزيد عن كونه خليطا من أعمال غوغائية تشهدها مصر في جوانب كثيرة في أعقاب الثورة التي لم تستقر الأحوال بعدها حتى الآن، كما لا يخرج عن أن يكون عملا من أعمال المتربصين سوءا بالبلدين كذلك.