لا زالت الإدارة الأمريكية تسيطر نسبيًا ولكن الانقسام في الداخل لم تحسمه الانتخابات النصفية والصراع لازال مستمرًا وتقارب الأصوات في مجلس النواب والشيوخ يثبت ذلك وآثاره على المشهد العالمي مريب من حرب روسيا - أوكرانيا إلى تصاعد أزمة المناخ وموقف الصين من تايوان والهيمنة الأمريكية ومخاوف أوروبا الأمنية وشح مصادر الطاقة بسبب الحظر على روسيا والقائمة تطول. يصاحب ذلك ضعف القيادات السياسية العليا في الدول الكبرى الذين كل ما باستطاعتهم في الوقت الراهن الحفاظ على الوضع القائم كما هو لأن خلطة السياسة والاقتصاد والطاقة والمناخ أصبحت تمس كل دول العالم ووصفات العلاج الفردية غير ممكنة.. والواقع أنه بدون أمريكا يتعطل النظام العالمي ولكن بوجود أمريكا كما هي حاليًا يزداد العالم تعقيدًا وأكبر دليل على ذلك نتائج الانتخابات النصفية بين توجه إدارة ليبرالي متطرف ومعارضة يمينية عنصرية انعزالية وكليهما رأسمالي إمبريالي.. وأحسن ما في أمريكا أن لديها دستورًا مثاليًا ضامنًا تم إحكامه من قبل قيادات حكماء سبقوا عصرهم واستشرفوا معظم الصعوبات التي تواجه العملية الديموقراطية في قارة بنيت على الاضطهاد والعنصرية ونزعة القوة والهيمنة. كما أن مشكلة الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها رائدة قاطرة التطور التقني ولكن فكرها السياسي إلى حدٍ ما غير مواكب وغير مدرك أن ما كان ممكن تمريره في الماضي بسهولة أصبح الرأي الآخر له وجهة نظر مغايرة لأن المصالح تحتم ذلك والبدائل متاحة. الثراء الأمريكي لم يضمن لشعبها العدالة الاجتماعية بمستوى مقبول، والتباين بين أطياف المجتمع تظهر في مشاهد العنف وقسوة ممارسات رجال الأمن بين حين وآخر ويضع مصداقية مطالبة أمريكا بضمان حقوق الإنسان في العالم أصبح محل شك عندما لا تستطيع ممارسة ما تدعيه في المجتمع الأمريكي. الانتخابات النصفية في أمريكا لم تأتِ على ما تمنى الرئيس ترامب وقد تفقده إمكانية تأييد الجمهوريين لو قرر ترشيح نفسه للانتخابات القادمة ولو كان استفاد من تجارب الماضي وعدل في أسلوبه لكان في وضع أفضل ولكن الأغلبية من الذين دعمهم في الانتخابات لم يفوزوا وقد يكلفه ذلك فرصة المنافسة في الانتخابات القادمة وهو في وضع أفضل وعندما يفوز يقدر أن ينافس لولاية ثالثة إذا كان الدستور يسمح له بذلك. الانقسام الداخلي الأمريكي يصادف أزمات عالمية وانقسامات لن تجعل جو بايدن خلال السنوات القادمة في وضع مريح لكسب ولاية ثانية وإن تقدم وفاز سيكون في وضع صعب جدًا لإكمال ولاية ثانية ولكن في عالم السياسة كل شيء ممكن وغير ممكن أيضًا ولذلك ستظل الهيمنة الأمريكية حتى إشعارٍ آخر..! نقلا عن المدينة