إنتابتني فكرة المقال حينما رأيت الهدوء يلف مسيرة الحجاج على الرغم أنه ربما لم يمر موسم حج جرى دون أحاديث سلبية عنه قبل وقته مثل هذا العام. ولم يمر حج مثل هذا الموسم والإقليم في أشد صراعاته والتهديدات المتواصلة بين سكان المنطقة وحكوماتها والعالم ومحفزات الصراع مثل الطائفية والمصالح في أعلى درجات التوتر وفوضى التشرذم في العالم العربي لا تحتاج دليل حتى أن صوت القانون والعدل والمسؤولية اختفى من الجامعة العربية ومجلس التعاون. وتساءلت كيف يحدث هذا الأمن والسلم لحجاج بيت الله الحرام ودعاوي تسييس الحج لم تترك الحج والحجاج في شأنهم. صحيح أن المشهد قاتم والمنطق يتهاوى والعقلانية مدانة لكني أعتقد أنه بالرغم من كل هذا الظلام إلا أن هناك شئ يحدث في الخفاء وأتمنى أن لا أكون مخطئا. في اعتقادي أن التموضع السياسي المتمثل في تقلد الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد أظهر الصورة الحقيقية أمامه بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه بالرغم بأن القيادة يتحملها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لكن الأمير محمد بن سلمان منذ تولي مسؤولية ولي ولي العهد أحدث مجموعة من التغييرات والتحديث الهيكلي وركز المسؤوليات في مجلسين حيث يمكن إدارة المشهد الاقتصادي والاجتماعي بانسيابية أكثر. اليوم أصبح الأمير محمد بن سلمان هو الرجل الثاني في القرار في كل تفرعاته وهو يملك من الجهد والرغبة في صناعة مملكة عربية سعودية جديدة. وربما حينما أَضئ المسرح أدرك سموه أن هناك جهد مضاعف يحتاجه إنجاز مشروع التحديث أكثر مما كان يعتقد وهذا في الواقع إعادة تقييم محمودة وجل زعماء العالم وقت الانتخابات هم شي ووقت إدارة الدولة شئ آخر. لكن الواقعية والمصداقية والموثوقية في ممارسة السياسة السعودية باتت تشكل ثقلا وتحملا في إدارة الأزمات وصناعة القرارات أسئلة أبناء الوطن متعددة !! متى نطوي ملف اليمن ونبدأ مع المجتمع الدولي في أعماره ؟ كيف تتم معالجة الشروخ الخليجية بما يخدم شعوب الخليج ونبدأ تطوير العلاقة وجعل المواطن الخليجي له أولوية في القرارات الخليجية والقُطْرية. ربما التدخلات التي عانى منها العالم العربي هي إحدى أمراض المنطقة وعلى الجميع اعتبار المواطن في كل بلد هو رأس المال الحقيقي وهو الحافظ والأمين بعد الله لاستقرار الأوطان. ربما بدأ خيال الدولة الجديدة بكل أثقاله يتراءى لسمو الأمير ولي العهد مما جعله يفعل بعض الاختراقات للمشاكل مما ساهم وبالرغم من كل الاضطرابات في المنطقة على أقل تقدير تحقق لموسم الحج كل هذا الهدوء في ممارسة التنقل والوصول بعكس ما كان يتوقعه المتربصين. طموحات ولي العهد كما قال حدودها السماء وهذا شئ مفرح فالحافز متوفر والإمكانيات المادية والبشرية والحمد لله كذلك متوفرة إذاً كيف نصنع المستقبل عبر خريطة طريق آمنة ؟ في اعتقادي أن ولي العهد حفظه الله يحتاج إلى مزيد من الخبرات العلمية والوطنية ذات التحارب العملية والفكرية لكي تعيد تقييم ما جرى من مشروعات كل في اختصاصه وربما يستعان ببعض خبرات من مجلس الشورى وكل مجموعة لا تتعدى عشرة أشخاص فقط يقيمّون مشاريع الرؤية في كل مجالاتها وما وجدوه صالح يؤيدونه وما يحتاج إلى تعديل يعدل وما لا يمكن احتياجه يلغى . أهل الوطن قلقين من مسألتين : * الوضع الاقتصادي وحالة الأسواق والخوف من تدني مداخيل المواطن ومن فقدها. * خروج الكوادر المدربة من القطاع الخاص نتيجة الضبابية في الإنفاق الحكومي وحينما تبدأ برامج التنمية الجديدة نبدأ في استقدام عمالة جديدة وندفع نفس الأثمان للتدريب. * والثاني المشاكل المحيطة بالمملكة وعلى الأخص حرب اليمن والخلاف القطري. والثالث الملفات العالقة مثل قضايا المرأة وقضايا الرأي. وعلى الرغم أن القيادة السياسية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي العهد تبذل جهودا مضنية للمعالجة إلا أنهم يحتاجون العون والمساندة من ذوي الرأي والمشورة خارج الفضاء الرسمي وربما لو وجدت لجان المراجعة للمساهمة في الحلول مع رؤية القيادة لأمكن إيجاد حلول ستزيد في وضوح حق الوطن وتخلق مسارات سلمية للعلاقات الوطنية والخليجية والإقليمية والدولية وهذا ما عنيته في عنوان المقال ( بطاقات سلمية).على الجميع أن يدرك أن الثقل السياسي والاقتصادي والبشري الحقيقي هو الإنسان المواطن . اللهم بلغ حجاج بيتك اليسر والأمان لأداء نسكهم وأعدهم إلى ذويهم سالمين غانمين والشكر والامتنان لأهل الوطن بكل أطيافهم على جهدهم الصادق في خدمة الحجيج.