كنت في الكويت، منذ أسبوعين، للمشاركة في ندوة صندوق النقد الدولي للمعلمين العرب. ولقد ناقشنا، لمدة 30 دقيقة، تأثير اتجاهات التكنولوجيا على التعليم في منطقة الشرق الأوسط. ثم رفع أحد مسؤولي التعليم المصريين يده وطلب أن يطرح علَّي سؤالا شخصيا: «لقد سمعت دونالد ترامب يقول إننا بحاجة إلى إغلاق المساجد في الولاياتالمتحدة»، كما قال ببالغ الحزن والأسى. «فهل ذلك ما نريد لأطفالنا أن يتعلموه؟». وأصيل. ولكن ذلك اللقاء كان بمثابة تذكير بأن ما بدأ في ولاية أيوا يجد صداه، هنا في الكويت، بعد خمس حاولت أن أؤكد له أن ترامب لن يكون رئيسنا القادم، وأن الالتزام الأميركي بالتعددية هو التزام قديم دقائق فحسب. يقوم دونالد ترامب، ومن خلال استعداء العالم الإسلامي، عبر دعوته لحظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة، بدور العميل السري لصالح تنظيم داعش الإرهابي. لأن هدف «داعش» الرئيسي هو إحساس كل مسلم داخل الولاياتالمتحدة (وأوروبا) بالغربة والإقصاء. وإذا ما تسنى له تحقيق ذلك، فلن يكون التنظيم الإرهابي بحاجة إلى تجنيد مزيد من الأتباع. حيث سيتصرف الناس وفقا لذلك من تلقاء أنفسهم. إن مشكلة المسلمين الحقيقية تكمن في تنظيم داعش وفي التطرف، ولا يمكن حلها بواسطة المسلمين فقط. إن تجييش كافة المسلمين أعداء لنا لن يجعل من ذلك التحدي أمرا يسيرا أو بسيطا بحال. ولكن إذا كان ترامب على خطأ في دعواه، فهل الرئيس أوباما على حق؟ إلى حد ما. فإنه على حق من زاوية أن السبيل الوحيد للوصول إلى هزيمة حقيقية ضد «داعش» يكون من خلال التحالف. إننا في حاجة إلى قوات سنية معتدلة للقتال من منزل إلى منزل ضد «داعش» في العراق. وإننا في حاجة كذلك إلى العلماء السنة المعتدلين للقتال من قلب إلى قلب لنزع الشرعية المزعومة عن رسالة «داعش» في كل مكان. كما أننا في حاجة إلى إيران لكي توضح وبجلاء دعمها ومساندتها لاتفاقية منصفة لتقاسم السلطة في العراق بين السنة والشيعة، حتى يتسنى للمقاتلين المعتدلين من السنة قتال «داعش»، بدلا من اعتبار التنظيم الإرهابي حائط صد آمن لهم ضد إيران. تود الحكومة السعودية لو أن «داعش» اختفى من على خريطة الأحداث في المنطقة، ولكن أولوية السعودية في الوقت الراهن هي سحق المتمردين الموالين لإيران في اليمن. وحتى الآن، فإنني قلق للغاية من أن رجال «داعش» أذكياء ودهاة. فكلما طال أمد سيطرتهم على الأراضي، كان من الأرجح إمكانية حصولهم على شيء مخيف بحق، مثل القنبلة القذرة. يمكن لعدد كاف من القوات البرية الأميركية سحق «داعش» بكل سهولة، ولكن في صباح اليوم التالي * عندما نحاول إرساء حكومة محلية محترمة، تلك التي تحل محل قواتنا * سوف نواجه حينئذ تلك الدوافع المختلفة لدى جميع شركائنا في التحالف. فماذا نصنع وقتها؟ نقلا عن الشرق الاوسط السعودية