المتغيرات الاقتصادية العالمية تؤثر في اقتصادنا إيجابا وسلبا ونحن جزء من المنظومة الاقتصادية العالمية بل نحن جزء مهم جدا من هذه المنظومة الاقتصادية العالمية ونلعب دورا قويا فيها، فنحدث التغيير أحيانا ونساهم في رفع وخفض الأسعار في الأسواق العالمية. فنحن أهم الأعضاء في منظمة الأوبك المصدرة للبترول، ومن أقوى أعضاء مجموعة العشرين التي تسيطر على السياسات الاقتصادية في العالم.. ومختصر هذه المقدمة البسيطة هو أن الأسعار في أسواقنا تتأثر ببعض المتغيرات العالمية ومنها ارتفاع وانخفاض أسعار البترول وارتفاع وانخفاض سعر صرف الريال السعودي. فعلى سبيل المثال لو تابعنا تحليل ارتفاعات صرف العملات الأجنبية منذ بداية العام نلحظ أن سعر صرف الريال السعودي أمام سعر صرف عملة الكرون السويدي الأعلى من حيث نسبة النمو بنحو 27% عن باقي العملات الأخرى الذي شملتها التحليل والمقارنة ثم يأتي بعدها ارتفاع سعر صرف الريال السعودي مقابل اليورو بنسبة نمو 20% علما بأن المملكة استوردت حوالى 24% من إجمالي وارداتها من دول الاتحاد الأوروبي حيث بلغت الواردات في النصف الأول من هذا العام حوالى 47٫5 مليار ريال. إلا أنه وللأسف لم ينعكس ارتفاع الريال وانخفاض اليورو على الأسعار المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي. وكذلك الحال مع ارتفاع سعر الريال السعودي مقابل سعر صرف عملة الكرون الدنماركي بنسبة نمو تقدر ب 19٫33% ولم ينعكس هذا الانخفاض في الكرون الدنماركي على الأسعار المستوردة من الدنمارك. أما الين الياباني فقد ارتفع سعر صرف الريال مقابل الين الياباني ابتداء من يناير الماضي نحو 15% حيث استوردت المملكة 5% من وارداتها من اليابان في يناير الماضي ما قيمته 2٫6 مليار ريال وكانت في العام الماضي 47٫5 مليار ريال. وارتفع سعر صرف الريال أمام الدولار الكندي بنسبة 14٫4% وارتفع الريال أمام الدولار الاسترالي بنسبة 12٫6%. وارتفع سعر صرف الريال أمام الجنيه الإسترليني بنسبة 9٫1% والنتيجة النهائية لارتفاع سعر الريال لم ينعكس إيجابا على أسعار السلع المستوردة من هذه الدول ويبقى المستفيد الأول هم التجار المستوردون والوكلاء والموزعون لأكبر السلع في المملكة ومنهم تجار السيارات وقطع الغيار ، وأكبر الخاسرين هم المستهلكين مواطنين ومقيمين وذلك في غياب رقابة وزارة التجارة لحماية المستهلك. وفي الجانب الآخر والأهم هي تحليلات أسعار المواد الغذائية في العالم ومقارنتها مع الأسعار في المملكة. حيث شهد مؤشر (فاو) الذي يقيس أسعار الغذاء عالميا تراجعات في فبراير الماضي حيث تراجعت أسعار الألبان ومشتقاتها عالميا بنسبة 34% مقابل ارتفاع أسعار الألبان في المملكة بنسبة 1%. وتراجعت أسعار الحبوب ومشتقاتها عالميا بنسبة 14% في المائة وارتفعت في المملكة 4% وتراجعت أسعار الزيوت النباتية ومشتقاتها بنسبة 21% بينما ارتفعت في السعودية 1% وكذلك تراجعت أسعار السكر عالميا 12% وارتفعت في المملكة 4%. ودون الدخول في تفاصيل وتحليل بقية السلع المستوردة الاستهلاكية والكمالية التي استمرت أسعارها في الارتفاع، يظل السؤال مطروحا من هو المسؤول عن مراقبة أسعار السلع المستوردة لأسواق المملكة في الوقت الذي يرتفع فيه سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية في الدول التي نستورد منها وتنخفض أسعار السلع في تلك الدول لأسباب عديدة منها انخفاض أسعار البترول ومشتقاته ومنها ضعف عملتهم أمام الريال ؟ وكيف نقبل حجة المستوردين عند ارتفاع الأسعار بأن الأسعار مرتفعة من بلاد المصدر ولا يقبل المستوردون حجة المستهلك بأن أسعار السلع انخفضت في بلاد الإنتاج والتصدير وسعر الريال السعودي ارتفع أمام العملات العالمية وعلى وجه الخصوص في البلاد المستورد منها.. وإذا جاز لي الاقتراح فإنني اقترح بضرورة إنشاء مركز قياس لأسعار السلع العالمية مقارنة بالسلع في أسواق المملكة ورصد الارتفاع والانخفاض في الأسعار عالميا وضبطها محليا.. نقلا عن عكاظ