زار المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي وفد تقني كوري رفيع المستوى متخصص في تقنيات النانو برئاسة البرفسور "كيم" رئيس اللجنة الوطنية الكورية لتقنيات النانو المرتبطة بشكل مباشر بالرئيس الكوري ، وقد تمت تلك الزيارة بالغة الأهمية بمبادرة مشكورة من سعادة الملحق الثقافي السعودي بسفارة خادم الحرمين الشريفين بكوريا الجنوبية بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي بالمملكة وعدد من الجامعات السعودية بما فيها بالطبع جامعة الملك عبد العزيز. وكوريا الجنوبية كما يعلم الجميع بلاد متطورة تقنياً استطاعت أن تنتقل من مجتمع زراعي محطم ، حطمته الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية-الكورية في الأربعينات و الخمسينات من القرن الميلادي الماضي ، إلى مجتمع صناعي تقني متطور جداً و مزدهر اقتصادياً يستورد العالم منه الكثير والكثير من البضائع والمنتجات التقنية من الإبرة وحتى السيارة ناهيك عن كونه شديد الاحترام للثقافات الأخرى وعلى رأسها الحضارة العربية الإسلامية ومنفتح للتعاون معها ، كما أن كوريا تأتي في الترتيب رابعاً في مجالات الاستفادة الاقتصادية من تقنيات النانو ، فهي حَرَية من هذه المنطلقات بالاقتباس من تجربتها الصناعية والتقنية الرائدة. اشتمل برنامج زيارة الوفد الكوري بجامعة الملك عبد العزيز بجدة على جولة على مختبرات مركز النانو بالجامعة وما احتوى من أجهزة ومعدات مختبرية بالغة التطور البعض منها نادر على مستوى العالم العربي استثمرت الجامعة في الحصول عليها ما يزيد عن 100 مليون ريال عبر ثلاث سنوات ، وعلى غرفة نقية قادرة على تصنيع مواد وأنظمة النانو المتطورة ، وقد أثنى الوفد المتخصص على ما رأى من تجهيزات ، تلي الجولة ورشة عمل مشتركة بين العاملين بمركز النانو بالجامعة وبين الوفد الكوري طرحت فيها الكثير من المحاضرات العلمية وكذلك من قبل الوفد الكوري الذي ركزت محاضرته على التجربة الكورية في مجالات النانو التي بدأت من 15 عاماً و بالتحديد في 1999 م ، وعلى النجاحات التي حققتها تلك التجربة. تلي ذلك جلسات عمل ناقشت إمكانيات التعاون بين جامعة الملك عبد العزيز ونظيراتها الكورية في مجالات أبحاث و تصنيع تقنيات النانو تم نقلها من قبل الوفد لسعادة وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي و لمعالي مدير الجامعة أثناء زيارة الوفد لهما في ختام الزيارة. ثمة العديد من الفوارق بين التجربتين السعودية والكورية في مجال تقنيات النانو البعض منها متوقع ومن طبائع الأمور فأعداد الباحثين وأعداد طلبة الدراسات العليا والفنيين المتخصصين في تقنيات النانو في كوريا أكثر بكثير من نظرائهم السعوديين ، والمستوى النوعي لمخرجات التعليم العام لديهم يفوق الذي لدينا ، كما أن القطاع الخاص في كوريا شريك مع الدولة في إنشاء المختبرات الوطنية الكبرى في مجال النانو والتي تفوق حجماً وتجهيزاً وقوى عاملة نظيراتها التي ترعاها دولة كوريا الجنوبية ذاتها ، وهي إحدى نقاط تفوق الجانب الكوري. والتي يمكن للجانب السعودي أن يتطلع إلى تحويل بعض المراكز الجامعية المتخصصة في مجال النانو إلى مركز وطني سعودي ، ومن الجهات المؤهلة لذلك هو مركز النانو بجامعة الملك عبد العزيز بما يتطلبه ذلك من ميزانية تشغيل وصيانة وموارد بشرية كافية ومدربة وموارد مالية للأبحاث والتطوير، وتبني سياسات البحث من أجل التنمية المستدامة و الازدهار الاقتصادي والاستقلالية التقنية. التفعيل الاقتصادي لتقنيات النانو بالمملكة العربية السعودية جزء من رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله لاقتصاد ومجتمع المعرفة. ومن أجل تحقيق تلك الرؤية في جزئية تقنيات النانو أقترح هنا إنشاء هيئة وطنية متخصصة في التفعيل الاقتصادي لتقنيات النانو ويمكنها أن تكون بالتوأمة الاقتصادية مع دول ككوريا راغبة في التعاون على أسس الندية و المساواة وبعيداً عن الأغراض السياسية. نقلا عن المدينة