كتبت كثيرا عن عناصر نجاح التنمية بكل أبعادها التنموية وعلى رأسها الإدارة ببعديها الأفقي والرأسي, وفي آخر ثلاثة مقالات أوضحت أهمية ما يجب أن تشمله الخطة الخمسية العاشرة للدولة التي تشمل الفترة من 2016 م إلى 2020 م ومن أهم تلك التوصيات الفصل بين مشروعات التنمية الوطنية والإقليمية، بحيث تتولى الأجهزة المركزية في الدولة العمل على اقتراح السياسات والبرامج والمشروعات التنموية والعمل على تنفيذ المشروعات الوطنية ذات التأثير الشامل على كل المناطق والمحافظات بما فيها البرامج التنموية الوطنية، مثل توطين التنمية وإيجاد فرص عمل للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي والصحي والتعليمي للمواطنين وتتولى الأجهزة الإقليمية والمحلية تحديد المشروعات والبرامج المحلية ووضع الأولويات لها والتنسيق في تنفيذها بما يحقق الاستفادة الكاملة والشاملة منها بدل ما نراه اليوم من مشروعات وبرامج تم البدء فيها وأنجز بعضها ولكن للأسف لم ينجز بالشكل المتكامل الذي يحقق الفائدة الكاملة منها، وهذا ما يؤدي إلى تذمر المواطن من تلك المشروعات التي أسميتها المشروعات المنقوصة. إن الاستمرار في تنفيذ مشروعاتنا بالشكل المنقوص الذي نراه اليوم ثم يأتي بعض المسؤولين يتذمرون من عدم شكر المواطن والمقيم والإعلام لأعمالهم، أمر يجب أن يقف أمامه كل مسؤول ويحاسب نفسه من منظور نظرة المواطن لتلك المشروعات وقدرتها على تحقيق الاستفادة منها, فكم مشروع تم الانتهاء منه بشكل منقوص، وهذا النقص يكون مثلا في عدم توفير مواقف السيارات، ما يؤدي إلى تكدس السيارات وما توجده من فوضى في الشارع والأحياء المجاورة للمشروع أو تنفيذ بعض المشروعات العامة مثل الحدائق والمتنزهات دون استكمال ما تحتاج إليه من دورات مياه ومواقف سيارات أو عدم حماية لممرات المشاة وتقاطعها مع حركة السيارات وعدم منع وقوف السيارات في ممرات المشاة، ما يفقد المشروع الاستفادة الكاملة منه. كما أن الكثير من المشروعات الحيوية يتم تنفيذها وبمليارات الريالات ثم تتأخر الاستفادة منها بسبب عدم اعتماد مشروع للتأثيث أو للتشغيل والقائمة هنا تطول حول نوع وعدد المشروعات التي تنتهي وهي منقوصة حتى بعضها ينتهي العمل منه ويفتتح رسميا وما زال التعديل والاستكمال وتواجد المعدات والعمالة مستمرة، مما يعطي الانطباع السيئ عن سوء التقدير ويدفع بالمواطنين والإعلام إلى اتهام المؤسسات والأجهزة الحكومية بالفساد وسوء الإدارة بسبب ما يرونه من مشاكل وأعمال ومخلفات في الموقع لا توحي بأن المشروع قد انتهى ودون أن يعلموا أن السبب هو في نقص وسوء التنسيق بين الأجهزة المعنية بتنفيذ المشروعات وما يرتبط به من احتياجات ضرورية وأساسية لتشغيله التشغيل المتكامل. لا بد من إعادة النظر في مشروعاتنا والانتقال بها من مشروعات منقوصة إلى مشروعات متكاملة في التخطيط والتصميم والتنفيذ والصيانة الدورية والمستمرة، وفي هذا السياق يذكر أحد المسؤولين عن إدارة أحد المشروعات الحيوية في السعودية الذي صرف عليه مليارات الريالات ويخدم ملايين الأشخاص سنويا، أن ذلك المشروع أصبح متهالكا ويعاني كثرة تعطل كل شيء من كهرباء إلى أجهزة إلى مياه، والسبب كما ذكر غياب الصيانة والاستبدال للقطع والتوصيلات التالفة، ويذكر أن المشروع لم يعد صالحا للاستعمال, وبمقارنة ذلك المشروع المهم والحيوي مع أمثاله في الكثير من دول العالم وبما يزيد عن عمره بالضعف أو أكثر نجد أنه ما زال في أحسن حالاته، والسبب وجود المفهوم الشامل للمشروع المتكامل من ناحية التصميم والتنفيذ المتكامل والصيانة المستمرة بما يحقق استدامة الاستفادة من المشروع ويضمن زيادة عمره الافتراضي إلى الضعف أو أكثر. هناك حاجة إلى إعادة النظر في معالجة مشروعاتنا والانتقال بها من مشروعات منقوصة غير مرضية للجميع إلى مشروعات متكاملة تخطيطا وتصميما وتنفيذا وصيانةً، وألا يقبل المسؤول أو المواطن غير ذلك مهما كانت الأسباب, وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم. نقلا عن الاقتصادية