ومازالت جريمة الاحتلال بحق الأسري مستمرة مليون أسير فلسطيني و أكثر دخلوا المعتقلات الصهيونية منذ العام 1967 و حتى اللحظة , مليون أسير فلسطيني مورس معهم شتى أساليب التعذيب الجسدي و النفسي , منهم من أطلق سراحه بعد قضاء حكمة الظالم ومنهم من بقي في الاعتقال حتى يومنا هذا ومنهم من استشهد في الزنازين وأقبية التحقيق وكان موته صرخة سمعها كل الصم في هذا الزمان , ومنهم من أودع احد المعتقلات السرية التي لا يدري عن مكانها احد في دولة الكيان إلا قله و انقطعت أخباره حتى الآن , ولم يعرف إن كان حيا بقبر أو حيا بسجن أو ميتا مع الأحياء أو حيا مع الأموات دون أن يقول العالم الحر كلمة عنهم ودون أن تتعرض منظمات الأمم الحرة والمتحضرة لقضيتهم أو تعترف بها كقضية إنسانية لابد وان يغلق ملفها نهائيا ,و دون أن يأتي العالم في نيسان ليقول للمرضي سلامتكم أيها الأبطال , ودون أن يبعث حتى ببطاقة تهنئة لهؤلاء المعذبين في زمن يقولوا عنه زمن الإنسان و حقوقه , فيبدوا أن الإنسان له مواصفات تنطبق على كل البشر عدا الفلسطينيين , وهذا جرم فوق جرم الاحتلال ,وجريمة يرتكبها الاحتلال ويصادق على ارتكابها العالم المتغطرس الذي لا ينظر للمعاناة الإنسانية في فلسطين إلا من خلال صحف بني إسرائيل وإعلامهم فقط, وهذا انحياز كامل إلى جانب من يمارس جريمة الاعتقال اليومي ضد الفلسطينيين نساء وأطفال و رجال وشيوخ , في المدن و القرى و على الحواجز و في طرقات القدس العتيقة و في الليل الصامت حين ولوج العالم في الثبات و الراحة وحين بزوغ الفجر الفلسطيني على جبال عيبال . يأتي نيسان و يذهب كل عام ,ويأتي معه السابع عشر و يذهب وحال الأسري كحال نيسان الحزين تلوع من طول الانتظار , فيبدوا أن يوم الأسير أودع المعتقل أيضا لأنه فلسطيني الوجنتين وفلسطيني البشرة ,و يبقي نيسان صابرا لأنه تعلم الصبر من هؤلاء الأبطال الذين لا يعرفوا الدنيا إلا من خلال نيسان , هذا اليوم الحزين الذي يشهد تفريق السجن بين الأهل والأحباب والأصحاب والابن والزوج أو الزوجة , ونيسان يصبح قافلة تسير إلى المجهول ,لكنه ثورة لا يعرفها إلا من عاشها وتعرف على آهاتها وعذاباتها وصبرها , وأملها ويأسها , وكل ما تختلج به النفس حين الثورة , نيسان يعنى مليون قصة في مليون عتمه في مليون زنزانه ,لكل زنزانة ومن بداخلها قصة و كل جدار كتبت عليه مئات كلمات العشق الوطني قصه ,جدران أصبحت صحيفة الحرية للأسري و المعتقلين يكتبوا فيها عن ألامهم وعذاباتهم ويكتبوا فيها عن جرائم الاحتلال الصهيوني بحق أجسادهم وأرواحهم وحرماتهم , ومداد تلك الكلمات هو تلك الدماء الذكية التي نزفت من ذلك الجرح المحفور بفعل القيد في اليدين و القدمين , نيسان يكتب جريمة الاحتلال في كل مكان في بيوت الأسري , وفي دفاتر أبنائهم وعلى بوابة الحارات العربية الفلسطينية العاشقة لأشجار الزيتون , نيسان يكتب عن الحقد الصهيوني الأحمق و يعلن انه حقدا لازال يصمت العالم عنه , و يعلن أن الحرية باتت قريبة برغم كل ذالك السواد في جدار الصمت العالمي , يأتي نيسان ويذهب أخر وتأتي سنوات معه لا نعرف منها إلا طول الليالي وطول الآهات والأسري معتقلين مع نيسان خلف قضبان سوداء لا تحكي إلا قصص أصحاب الثورة وقصص التحقيق المتواصل ,وتحكي قصص إجرام بني صهيون , في نيسان الماضي كان عرفات جرادات مازال يتنفس عشقا للوطن لكنه اليوم شاهد على جريمة الاحتلال الذين كسروا أضلاعه في التحقيق و ما عاد إلا جسد ميت , في نيسان الماضي كان ميسره أبو حمدية هذا الفدائي الفلسطيني الذي عاش ومات من اجل الوطن و عزته و كرامته و حريته يتلوى ألما من اغتصاب المرض جسده الطاهر دون أن يعطي الدواء لتلك العلة التي قتلته , واليوم أصبح ميسرة قصة و كحكاية كل العاشقين لهذا الوطن و ترابه الغالي ولا ندري من سيذهب قبل نيسان القادم و من سيعتقل من جديد , ولا نعرف كم حكاية جديدة ستكتب على جدران المعتقلات وأقبية التحقيق و زنازين العزل الانفرادي , لكن الجريمة مستمرة و لم يتوقف الاحتلال الصهيوني عن ارتكابها و لم يتجرأ أحدا في العالم أن يعلن ثورة برتقالية تقاضي المجرم و توقف سوط الجلاد عن ظهر ذاك الفلسطيني الأعزل . مازالت جريمة الاحتلال مستمرة في نيسان و قبل نيسان و بعد نيسان , وجريمة الاحتلال بحق الأسري لا تتوقف عند مجرد جريمة الاعتقال و العزل الانفرادي وإصدار أحكام طويل بحق المعتقلين الفلسطينيين و معاملتهم كمجرمي حرب و ليس كأسيري حرب تنطبق عليهم بنود اتفاقية جنيف الرابعة , مازال الاحتلال الصهيوني يعتقل مئات الفلسطينيين يوميا و يعيد اعتقال الأسري المحررين منتهكا بذلك تلك الاتفاقيات التى وقعها بهذا الخصوص ليس هذا فحسب بل يخضعهم لأبشع أساليب التعذيب أثناء التحقيق معهم , ولا يفرق في التحقيق بين امرأة أو رجل أو طفل أو شيخ عجوز فهناك العديد من الأساليب الحاطة بالكرامة الإنسانية كالسب و الشتم و العبث في كل الأماكن التي حرمتها كل الديانات السماوية , وهناك أساليب أخري نفسية و فيزيقية كالحرمان من النوم و الأكل و العلاج والتبول , و الحرمان من الاتصال بالعالم الخارجي عبر الإعلام ,وهناك العزل الانفرادي لسنوات طويلة ,وهناك الحرمان من زيارة الأهل , و هناك أيضا العديد من الممارسات القمعية بحق الأسري والأسيرات الفلسطينيين من خلال قمع ما يسمي بقوات "نحشون" الخاصة أقسام السجون على اختلاف تواجدها للاعتداء بالضرب المبرح على الأسري الأبطال و رشهم بالغازات القاتلة والسامة , مازالت جريمة الاحتلال مستمرة من خلال التنكر لعلاج المرضي من الأسري و حرمانهم من العلاج والكشف الطبي الدوري ,وهناك مئات عمليات التجارب الطبية الغير شرعية التي تجري على المرضي من خلال إعطائهم أدوية لا تتناسب مع أمراضهم مما يضاعف المرض و يقلل مناعة جسم الأسير للدرجة التي يصبح فيها المريض من الأسري عرضة للإصابة بأمراض أخري تكون سببا محتما في موته , أنها الجريمة المستمرة بحق الأسري الفلسطينيين دون استثناء . في يوم الأسير نيسان الحزين نرفع للعالم مناشدتنا للوقوف عن حجم الجريمة الإنسانية المسمرة بحق الأسري الأبطال في سجون إسرائيل و معتقلاتها و نقول للعالم آن الأوان لوقف تلك الجرائم و آن الأوان للصراخ في وجه المحتل الغاشم الذي يضرب بقوانين الإنسان و حقوقه عرض الحائط , وان الأوان ليعلن العالم أن قضية الأسري قضية إنسانية لابد وان تنتهي لأنها قضية اسري حرب تنطبق عليهم بنود اتفاقية جنيف الرابعة للحماية و العناية إلى حين إطلاق سراحهم , و بات واجبا على العالم أن يرسل لجان طبية خاصة إلى تلك المعتقلات للكشف عن المرضي و الاعتناء بهم و تحويلهم إلى المستشفيات و تقديم العلاج اللازم لهم دون تلكؤ أو تباطأ , في يوم الأسير الفلسطيني نقول للعالم إن إنقاذ الأسري من الموت البطيء مسألة إنسانية وضرورية , وإنقاذ الأسري المرضي والمضربين عن الطعام قد حان فهم يسيرون نحو الموت بسبب الصمت الدولي عن تلك الجريمة التي يمارسها الاحتلال دون رحمة أو شفة لإنسانية هؤلاء الأبطال . [email protected]