طال زمن الانقسام الفلسطيني وتباعدت المسافة بين فتح وحماس أكثر من مرة وكبرت الحكاية واختلف الطرفان طوال العمر ,ومع طول الانقسام هناك أبواب مغلقة كانت بالحديد ومن ثم غيرت الأقفال وغلقت بأقفال من خشب لإمكانية فتحها يوما من الأيام أمام الوحدة الوطنية الفلسطينية التي ينتظرها كل الشعب الفلسطينيين والتي تعتبر خارطة الفلسطينية الدولة لأنها تحدد كثير من متطلبات المرحلة الراهنة والتحديات التي تواجه مسيرة النضال الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والشعبية والاقتصادية وحتى الاجتماعية , وإن فتحت الأبواب للوحدة الوطنية في المرحلة القادمة وسمح بمرورها إلى الوطن لابد من حمايتها من الحصار , واقصد حصار الوحدة من قبل أصدقاء الوحدة أنفسهم ومن سمحوا لها بالدخول إلى الوطن وتنازلوا عن مكتسبات فصائلية بحته وضيقة , وإن حبست الوحدة من جديد وتقاسم المختلفون ثوبها وأبقوها عارية ووضع البعض لباسها على رأس فصائلهم فإننا نكون قد قبرنا تاريخ القضية وقبرنا كبرياءنا النضالي وقبرنا كل معاني الكرامة الوطنية لان كرامة الفلسطينيين في وحدتهم و قوة صفهم ووضوح وجهة بندقيتهم . ليس مفاجئا أن طلبت مصر العربية من ممثلين الفصائل الفلسطينية للحضور للقاهرة في جولة مباحثات جديدة حول المصالحة , وبالتالي ليست هذه المرة الأولى ولا الأخيرة التي يجتمع فيها ممثلي الفصائل الفلسطينية بطرف عربي للتباحث حول آليات تطبيق بنود الاتفاقات الموقعة من قبل بالدوحة والقاهرة ,مع أن البنود واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى تفسيرات كثيرة بقدر ما تحتاج إلى قناعات بالتطبيق , وقد درسها المنقسمون مائة ألف مرة منذ أن تمت توقيع التفاهمات بين الطرفين إلا أن التمنع استراتيجية لتحقيق منجزات خاصة لطرف ما على حساب الآخرين..؟ واعتقد أن هذا يشوش كافة مسارات المصالحة الحقيقية ويجعل الوصول إلى الوحدة الوطنية أمرا شاقا وحتى أن حدثت بعض التنازلات لصالح الطرف الممانع للمصالحة فإنها سرعان ما تنقلب على عقبيها لأنها قد لا تقنع الجمهور الفلسطينيين الذي يعتبر المصالحة عدالة سياسية واجتماعية بالرغم من أنه ينتظر هذه المصالحة وهو على الجمر وقوفا وقد اكتوت قدماه بنار الانقسام والتشتت ...! يبدوا أن الوحدة الوطنية الفلسطينية أصبحت تقف على أبواب مازالت مغلقة والمفتاح بيد احد الأطراف وقد لا يفتح الأبواب إلا إذا نال ما يريد واخذ المزيد من الصلاحيات , لهذا نأمل ان الوحدة الوطنية لا تحتاج إلى مزيد من الاتفاقات بين فتح وحماس وحتى باقي الفصائل لان كل اتفاق يحتاج إلى تفاهم وحوار ومحادثات وتحليلات بنود كل اتفاق وإعادة صياغة وإجماع فصائل لعرض الاتفاق عليهم وتسجيل الملاحظات ومن ثم العودة مرة أخري للتفاهم والحوار ومن ثم التوقيع , وهكذا دواليك فيما يخص كل بند من بنود المصالحة ,فالانتخابات تحتاج إلى حوار وتفاهم وتوافقات واتفاقات وتحتاج إلى عوامل تهيئة في الميدان الخ .. ,وإطار منظمة التحرير يحتاج إلى العديد من التفاهمات والاتفاقات , الامن يحتاج الى مائة جلسة حوار لتحديد كم لهذا وكم لذاك وخاصة أن ذاك لديه عدد كبير من الجند لا يستطيع أن يسرحهم بعد كل هذه السنوات , والحكومة تحتاج إلى مائة جلسة من النقاش والحوار من جديد بعد ان اتفق عليها في الدوحة وهي حكومة تسيير إلى أن تتم الانتخابات التشريعية وبالتالي يشكل الفائز الحكومة الوطنية الجديدة ,ولكل واقعة من وقائع الوحدة الوطنية حالة خاصة من النقاش لكي يقتنع كل طرف من الأطراف أنها تتناسب مع ثوابته الفصائلية والحزبية وكان الفلسطينيين هنا أصبحوا قبيلتين كانتا تسكنان في أقصي الأرض ويرغب العالم في جمعهما معا في بقعة واحدة رغما عن انفهما ..! , وكأن القبيلتين نسيتا أن لهما وطن واحد وشعب واحد وتاريخ واحد وعدو واحد مازال يسرق الأرض ويستوطنها ويمعن في استيطانها ليسابق الزمن ويتمدد بكيانه الجرثومي في الجسد الفلسطيني و يحول بين الفلسطينيين وبين مشروعهم الوطني القائم على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس . نعم قد تتحقق المصالحة الفلسطينية ولو بعد حين ..!وقد يتفق الجميع على جدول زمني محدد لتنفيذ بنود هذه المصالحة , لكن هذا لا يعنى أن الوحدة الوطنية ستتحقق وتكتمل سريعا , ولعلها البداية للسير في طريق الوحدة لان الوحدة الشاملة تحتاج إلى مؤسسات وطنية واحدة تخدم الجميع من خلال حكومة منتخبة واحدة ومن خلال برلمان فاعل يدافع عن حقوق هذا الشعب السياسية والاجتماعية والاقتصادية و حتى الحقوق الوجدانية ويراقب ويتابع ويقيم أداء الحكومة بحيادية تامة, والوحدة الكاملة تتجلى في وحدة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ووجود كل الفلسطينيين تحت رايتها لتتمكن من وضع استراتيجية عمل فلسطينية من مرحلة إلى أخري يلتزم بها الجميع وينفذها الجميع دون النظر إلى الإطار الفصائلي المحدود. [email protected]