احتجت إلى قضاء ساعتين اثنتين لكي أتصفح «فقط» جريدة يوم أحد من صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية .. ويكفي أن أقول إن العدد الصادر بتاريخ 9/9/2012م الموافق 22/10/1433ه، قد تكوَّن من 10 ملاحق.. وإن مجموع صفحات العدد وملاحقه تجاوز «450» صفحة.. هذا غير عدد من المجلات الإعلانية والبروشورات المصورة التي أرفقت بهذا العدد الضخم.. فقد تكون الجسم الأساسي من الصحيفة من «28» صفحة، ركزت في معظمها على الشؤون السياسية في أمريكا والعالم.. وبعض أهم العناوين والمحتويات. وبلغ عدد صفحات الملحق الرياضي «12»صفحة، واستخدمت الصفحة الأخيرة منه لأخبار الطقس وتقلباته.. وتكوَّن ملحق الأعمال من «10» صفحات، وملحق للعروض من «14» صفحة.. أما بالنسبة للفنون فإنها استغرقت ثلاثة ملاحق.. الأول وبلغ عدد صفحاته «40» صفحة، خصصت لمختلف أنواع الفنون.. فيما خصص الملحق الثاني وعدد صفحاته «24» صفحة خصصت للعروض المسرحية فقط.. فيما اختص الملحق الثالث وعدد صفحاته «100» صفحة بألعاب الفيديو المختلفة.. وبلغ عدد صفحات ملحق ال «styles» الجديدة لأحدث الموديلات «36» صفحة.. وجاء ملحق السفر من «12» صفحة، فيما تكون ملحق عروض الكتب من «28» صفحة.. ليس ذلك فقط.. بل إن العدد شمل «5» مجلات مصورة.. خصصت المجلة الأولى للسفر وعدد صفحاتها «226» صفحة.. والأخرى كدليل سفر مستقل إلى «أوهايو» وتكون من «64» صفحة، والمجلة الثالثة وخصصت لموسيقى «الجاز» وبلغت «138» صفحة، وخصص العدد الرابع لمركز تجاري مستقل اسمه «Boden» وعدد صفحاته «64» صفحة، أما العدد الخامس فقد اختص فقط بربطات العنق وجاء في «36» صفحة، بالإضافة إلى بروشرين الأول من «4» صفحات والآخر من «16» صفحة.. بما مجموعه «548» صفحة.. وللعلم فإن جميع صفحات الجريدة وملاحقها ومجلاتها ومرفقاتها الأخرى مصورة وملونة، وإن نسبة الإعلان فيها تقترب من «60 %»، وإن كل ذلك هو محتوى صحيفة يومية واحدة تصدر في نهاية الأسبوع.. وإن هناك أكثر من «30» صحيفة أخرى تفعل نفس الشيء في هذا اليوم بالولايات المتحدةالأمريكية.. أقول هذا الكلام لمن يكثرون الحديث عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحف المطبوعة.. سواء في التوزيع أو الإعلان أو مستوى القرائية بشكل عام.. وأنا بهذا لا أقلل من أهمية وتأثير وسائل الإعلام الجديد.. وإنما أؤكد على أن أهميته وإن كانت ثانية إلا أنها لا تلغي أبدا أهمية وجود صحافة مطبوعة قوية وقادرة على الاحتفاظ بقرائها، متى توفرت لها عدة عناصر، يرد في مقدمتها فكر تسويقي وترويجي وتوزيعي خلاق ومضمون صحفي متميز ومعايشة حقيقية لاهتمامات القارئ والمعلن والمستهلك وقدرة ترويجية كافية على الجذب المتواصل.. وإذا لم يتوفر كل أو بعض هذا.. فإن الصحافة المطبوعة ستصاب بكارثة هائلة، وإن كانت الصحافة الأمريكية التي تحدثنا عن أحد نماذجها لا تعاني من ذلك كما جسدت ذلك هذه الصحيفة.. ولا تقولوا لي إن الفارق في مستوى الوعي والثقافة والتعلم هو الذي جعل تلك الصحافة المطبوعة محافظة على قرائها وغير متأثرة بهجمة الإعلام الجديد.. وهو كلام وإن كان صحيحا إلا أن وسائل الإعلام القوية وأنظمة التعليم المؤثرة هي التي تصنع هذا الفارق.. وصحافتنا تظل مسؤولة عن المساهمة بدور إيجابي في هذا الجانب لا أن تكون أحد مسببات هذا الفارق.. والأكثر تضررا منه أو به. *** نقلا عن عكاظ