لم يعد من العصي على المتابع للصفحات الثقافية في صحفنا المحلية أن يلاحظ تضاؤل المساحة المخصصة لها بشكل ملحوظ في أغلب الصحف، وتحول تلك الصفحات إلى مجرد كونها صفحات تعنى بمتابعات موجزة وسريعة للأخبار والمناسبات الثقافية، فباتت شبه خالية من القراءات النقدية الجادة للكتب، ومن النصوص الإبداعية الأصيلة أو المترجمة. وللأسف الشديد فإن معظم الصحف قد تخلت عن الملاحق الثقافية الأسبوعية التي كانت تخصصها لنشر المواد الثقافية «الدسمة» وصارت تكتفي بصفحة أو صفحتين يومياً على الأكثر يغلب عليهما الطابع الإخباري السريع كما أسلفنا.، فهي أشبه ما تكون بما يمكن ان نطلق عليه مسمى «السندوتشات الثقافية» أو «التيك أوي الثقافي». معظم الصحف قد تخلت عن الملاحق الثقافية الأسبوعية التي كانت تخصصها لنشر المواد الثقافية «الدسمة» وصارت تكتفي بصفحة أو صفحتين يومياً على الأكثر يغلب عليهما الطابع الإخباري السريع كما أسلفنا.، فهي أشبه ما تكون بما يمكن ان نطلق عليه مسمى «السندوتشات الثقافية» وغني عن الذكر أن تلك الصفحات مهددة دائماً بسيف الإعلان المصلت الذي طالما واراها أو أتى على جزء كبير منها. ولكي لا نذهب بعيداً، ولكي نكون أكثر إنصافاً نذكر كمجرد مثال على ذلك جريدة اليوم التي طالما اشتهرت وعرفت بملاحقها الثقافية الرصينة (بلغ عدد صفحاتها في بعض الفترات 8 صفحات) والتي كانت تعرض فيها لكافة أشكال الثقافة على وجه التقريب بما في ذلك الشعر والسرد والنقد والفن التشكيلي والسينما والمسرح. حالة الجزر التي انتابت الصفحات الثقافية لم تبق للمثقف أو المتابع للصحافة والمنشورات الثقافية سوى المجلات والدوريات الثقافية التي يحرص على شرائها واقتنائها من بعض المكتبات ونقاط البيع في بعض المراكز التجارية المعروفة التي توفر عددا لا بأس به من تلك المجلات والدوريات. غير أن الملاحظ في الفترة الأخيرة هو توقف أو شبه توقف تلك المراكز التجارية، وإلى حد ما المكتبات، عن توفير تلك المجلات لينقطع بذلك مصدر ومنبع آخر من منابع الثقافة التي طالما نهل المثقف وعل من صفوها. ومما يزيد الطين بلة ويزيد من حنق المثقف والقارئ الواعي هو أن يرى كافة أنواع المطبوعات التي يغلب عليها الغث في كل مكان تقريباً توجد به أقسام أو حتى حوامل لبيع الصحف حتى في أكثر المناطق بعداً عن أماكن السكنى. والطامة الكبرى هو أن بعض تلك المطبوعات بلغت درجة لا يمكن إلا أن تثير في نفسك الغثيان من الإسفاف والضحالة والجهل.