يتجنّب أهل البيع والشراء أن يظهر إعلانهم الصحفي يوم الجمعة. وسواء أكان المعلن عنه عقارا أم صناعة أم خدمة. ولا أظن لذاك التفكير صلة بالالتزام بالنص القرآني الكريم. "وذروا البيع " ! لكن حرص المعلن على أن يكون إعلانه منتشرا وذائعا تتداوله الأيدي .. وتُلقي عليه العيون النظر. المحتاج إليه وغير المحتاج. والإعلان في العقود الأخيرة من حياتنا التجارية أصبح صناعة لها لون وطعم، وذا صور تحكّم فيها اللون والظل، فمنه الصغير ومنه الكبير والأكبر ومنه الشعر والتهاني المفرغة في قوالب بالغ منفذوها في ابتكارها. ثم صار سعر الإعلان يرتفع مع الأيام وسوق الأحبار والورق والأفلام والعمل الفني . لكنني مازلت أقول إن كل هذا الضجيج والضوضاء والصخب لا يريد له صاحبه ( العميل كما تُسميه إدارات الإعلان في الصحف ) أن يظهر يوم الجمعة، يريده أن يلمع منتصف الأسبوع؛ لأن أيام السبت والأربعاء هما أيضا عرضة للغياب من المكاتب، ويُصبح العدد ( الصحيفة ) قديما في اليوم التالي فنجد القارئ يفضّل الاسترخاء بعيدا عن أخبار قد تعكّر صفو يومه. أو أنه اعتاد قراءة الصحف في المكتب في يوم عمل ، ولا يرتاح لتغيير العادة . أو لأن المرء اعتاد على أن تأتي الصحف إليه ولا يذهب إليها، وبالتالي فإن الإعلانات تتقلص. في أغلب بلدان العالم تصدر صحف أيام نهاية الأسبوع بعدد صفحات يزيد أحيانا عن عدد صفحات كتاب، ففي بلدان مثل بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وحتى في بعض دول المنطقة تصدر هذه الصحف بملاحق كبيرة ومجلات متنوعة. أما عندنا فالحال معكوس تماما. تصدر صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في عددها الأحد بما لا يقل عن 550 صفحة تتضمن ملاحق ومجلات، فيما لا تقل الصحف الأخرى عن هذا العدد وبعضها يصدر بأكثر من 10 ملاحق ومجلات ولا يقل عدد صفحاتها عن 200 صفحة. من المفترض أن يكون يوم الجمعة، يوم نهاية الأسبوع، هو يوم العائلة، وهو ما خلق فلسفة صحف نهاية الأسبوع عند الدول الأخرى، وجعل أعدادها في هذا اليوم حافلة بالملاحق والإعلانات. وتمتلك بعض الصحف الكبرى مثل “واشنطن بوست”، “نيويورك تايمز” و”الغارديان” وبعض الفرنسية، هيئات تحرير منفصلة لعدد العطلة الأسبوعية عن هيئة تحرير الصحيفة اليومية .