هذه «الهوهوات» هي نغمة صوتية في اللهجة المحلية السعودية تستخدمها بعض السيدات في بلادنا حين يسمعن شيئاً غريباً أو مستنكراً، وفي النكتة التي عممتها واحدة من رسائل الجوال تقول «هو هوهو هوهو... عضوات مجلس الشورى يعترضن على ما قاله زميلهن». أما أحد المعلقين في جريدة فيقول إنه «قرر أن يقنع أمه لترشح نفسها لمجلس الشورى أو البلدي وكل ضحى تطلع بإبريقها ودلة القهوة والشاي تدور على الحريم تجمع الأصوات»، أما المتندرون في «تويتر» على دخول المرأة عضوية مجلس الشورى «فراحوا» يقلدون حوار العضوات وهن يتصلن على الخدامة يوصينها بتقطيع البصل وتسخين رضعة سعيدان. هذه هي الصورة الذهنية المترسبة في اللا وعي الجمعي عن المرأة، عزلة المرأة وغيابها عن الحيز العام هو ما ألحق الضرر بصورة المرأة، واعتبارها كائناً لا يجيد غير دوري الإنجاب والمطبخ. هذه الصورة الهامشية التي عزلت المرأة في شؤون هامشية بل وبالغت في هامشيتها هي التي سيعيد تصحيحها قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لأن كل والد ووالدة وابن وابنه سيرى دوراً مرشحاً قد تلعبه المرأة التي يعرفها، وهو الذي سيجعل المرأة التي تليق بولاية على أمتها وشعبها هي أليق بولاية على نفسها وعلى أبنائها. ما أستغربه أننا في معرض مطالباتنا بحقوق النساء نتحدث عن خريجات «هارفرد» و«بيركلي» وحملة الشهادات من المتعلمات والمثقفات والمحاميات والعالمات في الطب والهندسة، بينما الوعي الجمعي لا يزال يرشح بصور ربات البيوت المشغولات بشرب القهوة وتمضية الوقت. ورغم أن هذه الصورة عملياً لم تعد موجودة لكن الوعي الجمعي لا يزال يحتفظ بها كصورة كاريكاتيرية عن حضور المرأة. يعيب على المرأة أن تشتري لها فستاناً لكن الرجل مدير المستشفى لا يعيبه أن يفتح مكتباً لاستقدام الخادمات، ولا يعيب أستاذ جامعي أن لا يمضي مساءه في مكتبة الجامعة لتحضير البحوث، بل يفتح مكتباً عقارياً، وهذه بالمناسبة حقائق وليست مجازاً. ما قصدته أن هناك نساء مثل الرجال ليس بالضرورة أن يكن مؤهلات للعب دور مميز، والمهارات التي لدى النساء في التفرد وابتكار الحلول ليست مهارة يجيدها كل الناس، لهذا يأتي شرط الكفاءة قبل شروط أخرى، فقبل قرار الملك كان شرط القراءة والكتابة كافياً ليترشح الرجل عضواً لمجلس بلدي لكن سيدة مثل ناهد طاهر تحمل شهادة الدكتوراة وتحمل مهارات متعددة في التحليل الاقتصادي والإداري لم تتأهل لعضوية مجلس بلدي. شرط الكفاءة هو أفضل ما طرحه زميلي عقل الباهلي بملاحظته النافذة في برنامج «بانوراما» مع الزميلة منتهى الرمحي حين قال إن عضوية المجلس يجب أن تكون للقادرات على تولي ملفات حقوق النساء كمواطنات والقضايا العامة وللناشطات وصاحبات الخبرة في هذا الحقل، وأن لا تكون كعادة المناصب التي يتسابق عليها البعض وليس في رأسه سوى مجد شخصي أو وجاهة اجتماعية وكسب مالي. وأضيف في النهاية لكل من قلل من الدور الذي يلعبه عضو مجلس الشورى بأنه كرسي لتربية الكروش بأن الصورة حين تكون ناقصة فإنه يجب أن ننادي بإصلاحها، وأن لا نظن أن المرأة كمواطنة مسؤولة عن إكمال النقص. لن تكون المرأة هي المخلص الأسطوري لمشكلات المؤسسات، بل هي شريكة تساهم مثلها مثل الرجل في دورة وحياة مجتمع. ومن دون الجهود المشتركة ومن دون دائرة النقد الواسعة والرامية للرقابة الصادقة والمخلصة سنظل ناقصين. نقلا عن الحياة