لا يوجد في المملكة مراكز متخصصة لقياس الرأي العام، أو دراسات ومسوحات الجمهور، ولا حتى مراكز مستقلة لقياس مستوى أداء المؤسسات الخدمية، وفق مسوحات الرأي، ومعدل الرضا الشعبي عن أداء المؤسسات الخدمية، مثلما هو معمول به في معظم دول العالم، مما يغيب معطيات استراتيجية لصناعة القرار وتطويره. وفي ظل غياب المعلومة التي تستند على منهجيات علمية مدروسة، يتم الاعتماد أحيانا، على ما تنشره وسائل الإعلام الكلاسيكية، حيال بعض القضايا والمواضيع، كمؤشر على اتجاهات الرأي العام، ولكن هذا لا يكفي، خاصة في ظل المتغيرات التقنية والثقافية والاجتماعية. فالرأي العام الظاهر، يتم قياسه كلاسيكيا من خلال وسائل الإعلام التقليدية، ومحركات الإعلام الجديد على شبكة الإنترنت أحيانا، وعبر حديث المجالس والصوالين، دون الاعتماد على دراسات متخصصة في رصد اتجاهات الرأي العام، تأخذ في عين الاعتبار الرأي العام الكامن، والرأي العام الصاعد، لكافة مكونات المجتمع السعودي، مما يساعد صناع القرار على إدراك ومعرفة ردود الفعل الجماهيري حيال الأداء الخدمي للمؤسسات، أو حيال تطبيق القرارات، مما يسهم في تحسين الأداء، وتعديل السياسات. والرأي العام ليس وحدة واحدة متماسكة، فهو يختلف باختلاف المناطق الجغرافية، والقطاعات الاجتماعية، والثقافات الفرعية، ويتكون من عدة مكونات، قد لا يتاح لبعضها الوصول إلى وسائل الإعلام الكلاسيكية أو محركات الإعلام الجديد لأسباب مختلفة، كما أننا عندما نتحدث عن الرأي العام، فإن ذلك لا يقتصر على النخب الفكرية والإدارية، بل يتطلب الأمر النزول إلى الشارع، وفق منطلقات علمية، ومنهجيات إمبريقية، بعيدا عن المسلمات والاعتقادات التي لا تصمد أحيانا أمام المنهج العلمي. وأهم محور يفترض دراسته بشكل رفيع في ملف الرأي العام السعودي، هي قضايا الشباب، بأولوياتهم، واحتياجاتهم، وتطلعاتهم، فنحن بأمس الحاجة إلى التعرف على مجتمعنا من جديد، بمختلف شرائحه وقطاعاته. نقلا عن عكاظ