ما هي الأمية؟.. أبعادها.. مظاهرها؟.. لا تتصور أنه سؤال سهل.. فالقناعة بالتعريف الحقيقي لها هي مرحلة وصول لمعالجة سلبياتها وكذا تحريك تخلفها.. إنها لا تختص بمعرفة أنه لا يقرأ.. وإنما تمتد إلى حقيقة أنه يقرأ لكنه لا يفهم.. وعند أشخاص كثيرين اعتقاد خاطئ يجزم بأن من لا يقرأ لا يفهم.. لكن أيضاً عند أشخاص كثيرين الجزم بأن مَنْ يقرأ ولا يفهم هو مَنْ يمثل حقيقة الأمية الأسوأ.. ارجع إلى سجل حياة بعض المشاهير - سواء في عصرنا أو قبله بمئات الأعوام - لكن في عصرنا توجد مفاهيم تذكر أن المعرفة رغم صلتها الوثيقة بالقراءة إلا أنها أيضاً مرتبطة بالوعي وكفاءة مفاهيم العقل.. أعرف شخصياً بعض رجال نفوذ حققوا شهرة واسعة وإنجازات عمل جزلة عندما أتوا إلى الرياض لم يكن بعضهم يجيد القراءة والكتابة.. بعض آخر تجاوز سن الشباب وربما وصل الشيخوخة ومستوى قراءته محدودة لكنه حقق نجاحاً اجتماعياً بالغ الصيت.. آخرون.. رجال أعمال أعرف منهم أشخاصاً عملوا في محلات بيع بمرتب ضئيل جداً ولم يكن لديهم الوقت كي يتعلموا لكنهم لم يصعدوا بقدراتهم المادية فيما بعد فقط وإنما صعدوا بقدراتهم المعرفية والثقافية بما في ذلك إتقان اللغة الانجليزية.. نأتي إلى الأمية الحقيقية المتضادة مع أبعاد المعرفة حين تعلموا لكن لم يتفهّموا.. ألم تنشر الصحف جميعها تقريباً تلك الاعتراضات التي ملأت معرض الكتاب بالرياض وكأنه يتحتم ألا تقرأ إلا ما قرأه جدك ووالدك قبلك، أما جديد المعرفة فهو شبهة على أنه معرفياً لا تعني قراءتك لتاريخ الشيوعية مثلاً أو مرئيات بعض دول الغرب لمظهر المرأة وكأنك تبحث عن إيمان بذلك، بينما أنت توسّع معلوماتك بما يساعدك في مبررات رفضك.. هناك بعض الممارسات التي تسمى حضارية لا تستطيع أن تنقدها بموضوعية ما لم تكن على اطلاع واعٍ بتعدّد معرفتك على سلبياتها وأبعاد تلك السلبيات تاريخياً أو كيف وجدت.. نقلا عن الرياض