فترة ليست بطويلة تلك التي تفصل بين حصول المرأة السعودية على حقها في التعليم العام إلى وصولها لأعلى الدرجات العلمية، ونبوغها في جميع المجالات العلمية والاقتصادية وغيرهما. فالمرأة السعودية تشكل 60 في المائة من عدد المنتسبين إلى الدراسات العليا. والمرأة السعودية تشكل 41 في المائة من حملة الماجستير، و44 في المائة من حملة الدكتوراه. المرأة نصف المجتمع، فالاستثمار في المرأة في الشرق الأوسط بصورة عامة والمرأة السعودية بصورة خاصة، حاجة اقتصادية عظمى، وخيار استراتيجي لا بد منه إذا أردنا أن نكون شركاء حقيقيين في التقدم العالمي.. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأعاده لنا سالما معافى أدرك بنظرته الثاقبة أهمية ودور المرأة في بناء الوطن، وأهمية مشاركتها في عملية التنمية. ومن حماس خادم الحرمين الشريفين استمدت المؤسسات الوطنية الحكومية والخاصة حماسها لدور المرأة، وهاهي المرأة السعودية تتسلم المناصب القيادية على أرض الوطن، شريك فعال في بناء الوطن. ولعل تكريم والدنا وقائد مسيرتنا الملك عبد الله حفظه الله ومنحي وسام الملك عبد العزيز تجسيد لاحترامه للموقع الذي تشغله المرأة السعودية في مجتمعها، وتقدير لمساهمتها في تنمية وبناء صرح هذا الوطن الحبيب. والمرأة السعودية بمثابرتها وقدرتها وتعليمها المتميز أصبحت تطرق أبواب العمل في مجالات عديدة، كانت إلى وقت قصير حكرا على الرجل.. وما حصول المرأة على أول منصب قيادي في الغرفة التجارية في جدة إلا دليل واضح على أن المرأة السعودية استطاعت تفعيل دورها التنموي وتطويره وتوسيعه ليشمل القطاع الاقتصادي. وما هذه الرغبة الجامحة في المشاركة الفعالة في التنمية سواء من القيادة أو المجتمع أو حتى المرأة السعودية إلا نتاج ثقافة إسلامية راسخة. فمن الأمور التي أفاخر بها دائما أمام من يشكك في مكانة المرأة المسلمة، أن أول سيدة أعمال وتاجرة كانت السيدة خديجة بنت خويلد، وأول من قام بتوظيف الرجال هي السيدة خديجة. ولم يقتصر شموخها ونجاحها في التجارة ومنافستها للرجال، بل إلى أخذ حقها في اختيار شريك حياتها، فهي من اختارت المصطفى صلى الله عليه وسلم وطلبت منه الزواج، لما أحبت ورأت منه صلى الله عليه وسلم من صفات كريمة. فديننا العظيم حرص دائما على إعلاء مكانة المرأة واحترام إنسانيتها، ومساواتها بشقيقها الرجل في الحقوق والواجبات وفي الثواب والعقاب. وعلى الرغم من التراجع الاقتصادي وتقلص الفرص الاقتصادية في مختلفة أرجاء العالم.. بقي التحرك التصاعدي للمرأة السعودية في المجالات كافة. ولله الحمد، ظل اقتصاد وطننا الحبيب دون تأثر بما يشهده العالم من حالة انحسار اقتصادي.. ففي الوقت الذي تعاني فيه العديد من الجامعات والمؤسسات تقلصا في الميزانيات السنوية.. نشاهد التوسع الشامل في الجامعات العالمية في المملكة، التي تمكن المرأة من الحصول على أعلى مستويات التعليم في المجالات المختلفة، كجامعة الملك عبد الله في ثول، وجامعة الأميرة نورة في الرياض. كذلك فُتحت أبواب الابتعاث أمام الفتاة السعودية لمواصلة تعليمها في أرقى الجامعات في أنحاء مختلفة من العالم كالولايات المتحدةالأمريكية، كندا، وأوروبا. كل هذه الفرص يجب أن تُستثمر من قبل المرأة السعودية بشكل جيد، إن أرادت بالفعل المساهمة الفعالة في بناء اقتصاد وطنها وحتى الاقتصاد العالمي. وإذا كان الحصول على التعليم ركيزة مهمة في الصعود على سلم النجاح في جميع المجالات، يجب على المرأة السعودية، وهي تمضي في طريق العمل والمشاركة في تنمية الوطن، أن تتذكر الركائز الأخرى للنجاح، وأهمها اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وإخلاص النية له عز وجل والمحافظة على تعاليم ديننا الحنيف، واحترام المجتمع الذي نعيش فيه.. وعليها ألا تنسى دورها الأساسي في الحياة في بناء أسرة صالحة، التي هي أساس المجتمع الصالح.. لذا عليها الموازنة بين دورها كأم ودورها كامرأة عاملة. الركيزة الثانية؛ هي أن تؤمن المرأة بذاتها وبذكائها وبقدرتها على الابتكار والمشاركة، فالثقة بالنفس لا بد أن تنعكس على جودة عطائك وعملك. والركيزة الثالثة والأخيرة؛ امزجي قيم الحب والتسامح والاحترام مع كل عمل تقومين به، واحترمي الرجل، ولا تنظري إليه على أنه منافس لك وعائق في مجال عملك، بل أحبيه وانظري إليه على أنه شريك لدربك ورفيق لطريقك، تسعيان إلى هدف واحد وهو النهوض والتقدم لهذا المجتمع وهذا الوطن الحبيب الذي يجمعنا في أحضانه رجالا ونساء. • كبير علماء أبحاث السرطان، ورئيس مركز الأبحاث في مركز الملك فهد الوطني للأورام التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي نقلا عن الاقتصادية