بعمقها الفلسفي المتوغل في داخل أعماقنا البشرية تبلورت بمشاهدها التي غلب عليها التعبير و التكوين و التأثيرات الموسيقية المترجمة للحالة المسرحية الماثلة على الخشبة فستعاضت صورة حركية مفصلة عن بلاغة الحوار ، فكانت تعبيراتها جهدا دلاليا ترجم تفاصيل اضطهادنا و قسوتنا عليها كأنثى و على أنفسنا أيضا و أظهرت تلك الصور الحركية مدى مقاومتها .. نعم نذكرها بتفاصيلها .. نعم هي المسرحية السودانية " روح الروح " تأليف و إخراج الفنان الشاب المبدع خلف الله أمين و تمثيل الفنانة المحترفة تعبيراً هدى مأمون و الممثل المبدع عمار آدم .. تلك التي لاتغيب عن الأذهان " روح الروح " التي استفتح بها مهرجان البقعة الدولي للمسرح في دورته الخامسة عشرة عروضه المسرحية في 2015 و التي اقتنص فيها مخرجها خلف الله أمين جائزة أفضل مخرج وسط تصفيق حار من الجماهير السودانية التي كانت تؤم خشبة المسرح الوطني السوداني كل مساء تشاهد عروض مهرجان البقعة و استلذت عشقا للمسرحيات المتنوعة محليا و دوليا فحضرت ترصد الحاصد لجوائز المسابقة هذه العروض و المتميز الفائز من الفنانين في مساء اختتام المهرجان . و إذا كانت " روح الروح " مسرحية إبداع المخرج خلف الله أمين الذي خطف درعه كأفضل مخرج فإننا نجده اليوم قد تأهل عرضه المسرحي الجديد " انتظار " ليدخل المنافسة بعد أن أعلنت لجنة الجودة و الاختيار المنبثقة من اللجنة المنظمة لمهرجان البقعة الدولي للمسرح نتائج العروض السودانية و الدولية المتنافسة في هذه الدورة " السادسة عشرة " والتي ستنطلق تزامنا مع يوم المسرح العالمي ابتداء من 27 مارس إلى 4 إبريل 2016 تحت رعاية من نائب رئيس الجمهورية السودانية الفريق أول ( ركن ) بكري حسن صالح . فإن أفَلَ و هج " روح الروح " فسوف تبزغُ أنوار مسرحية " انتظار " على ركح البقعة و سنرى معزوفة المخرج أمين و سنقارن بينهما . ولذا سننبش مكنونات المخرج حول " انتظار " فذكر المخرج أنها من تأليف الأستاذ إبراهيم عمر إبراهيم المعروف عند السودانيين بإبراهيم ضو البيت و تمثيل الفنان عبدالعظيم محمد علي و الفنانة مواهب قدم ، و هي من إنتاج فريق " تسنيم " المسرحي الكسلي الذين نعدُّهم فرسانا لجولات المسرح . وحول مشاركة فرقة مدينة كسلا السودانية " تسنيم " ذكر المخرج أمين : أن هؤلاء الفنانين الشباب لم يشاركوا من سنوات في المهرجان بسبب البعد عن المركز .. المسرح الوطني السوداني بأمدرمان رغم أن مدينة كسلا في أقصى شرق السودان زاخرة بالفنانين و المبدعين ، كما أنَّها لاتكلُّ ولا تملُّ من ولادة الفنانيين و الموهوبين من الشباب ، و أن معينها الفني و المسرحي لاينضب ، و تعتبر مسرحيتي " انتظار" التي أخوضها معهم هذه الآيام الجميلة بصمتي الأولى التي أعتزُّ فيها في حياتي الفنية . وعن الجديد الذي أثاره كمخرج حتى اقتنص مسرحية " انتطار " لتكون جزء من تجاربه الإخراجية . و ما هو الهم ُّ أو الفرجة التي يمكن من خلالها أن يدخل المشاهد في قالبها و صراعها و في تأويلات طرحها ؟ فأجاب بعد صمت يستجمع لذة حواراتها قائلا : الثيمة التي تسيطر على مشاهد الانتظار ، فنجد الكلُّ منتظر.. أنا و أنت و هم .. و من هنا ترتكز على هذا الأساس لعبتي لأنطلق من سطور الكتابة إلى الإخراج . فدائرة الانتظار متواصلة فقد ذهب من قبلنا و حتما نحن أيضا ذاهبون لا محاله و سيأتي من هو بعدنا و الكل منتظر يريد مخلصا .. فالهموم مختلفة و تتكالب علينا الموجع من خلال تأويلاتها و بالتأكيد نحن بحاجة ملحة لمن ينتشلنا من هذا التًَّورط . فمن خلال الإخراج أغوض في أعماق الشخوص و اشتغل في تمثيل داخل تمثيل بأسلوب تعبيري لاقتنص الاحساس المزدوج من الشخصيتين المنسجمتين بإيقاعهما على الخشبة. وفي نهاية اللقاء طالبت المخرج السوداني الشاب خلف الله أمين سرد هويته الإخراجية فأردف متحدثا : بلاشك تعرف اسمي و قد التقينا و جمعنا مسرح البقعة و تحادثنا كثيرا و ما أضيفه لك و للقراء الأعزاء و المتذوقين لفن المسرح المبدعين أنَّ مؤهلي الأكاديمي بكالوريوس تربية و دراما من مواليد مدينة أمدرمان و من أهم الأعمال المسرحية التي منت فيها ممثلا لا مخرجا المونودراما " نصل الخلاص " عن رواية الكاتب و الأديب السوداني المرحوم الطيب صالح " موسم الهجرة إلى الشمال " و هي من إخراج فنانتنا المبدعة هدى مأمون و قدمناها ضمن العروض المسرحية في مهرجان بيجايا المسرحي بالجزائر أما مسرحية " روح الروح " فهي تمثيل هدى مأمون و عمار آدم المعروف في الأوساط الفنية السودانية بعمار الشبر و رغم قلة إنتاجي المسرحي إلا أنني عرفت بإخراجي التليفزيوني فقد أخرجت مسلسلا تليفزيونيا اسمه " هوم " و إخرجت فيلما سينمائيا اسمه " زوج في ورطه " و فيلم آخر اسمه " بنت ولد الفكي ".