في وقت لاحت أمس بوادر نجاح للجهد الأميركي - الأوروبي لفرض تهدئة بين طرفي الأزمة في مصر، تمهيداً لإبرام تسوية سياسية تضمن اعتراف جماعة «الإخوان المسلمين» بالعملية السياسية الحالية في مقابل أن تشمهلم، دعت الجماعة إلى تظاهرات جديدة اليوم، في ما بدا محاولة لتحسين موقفها التفاوضي. وعلمت الزميلة «الحياة» أن الملاحقات القضائية لقيادات «الإخوان»، وفي مقدمهم مرشد الجماعة محمد بديع، تمثل أكبر عائق أمام إنجاح التفاوض، إذ تتمسك الجماعة بإطلاق سراح كل قادتها، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، مع منحهم حصانة قانونية مستقبلية، وهو الأمر الذي يرفضه الحكم الموقت. وكان لافتاً أن نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز وممثل الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط بيرناردينو ليون الموجودين في القاهرة عقدا مجتمعين أمس لقاءات مع المسؤولين المصريين، ما أظهر الحاجة الملحة لدى الأوروبيين والأميركيين لإبرام اتفاق. واجتمع بيرنز صباحا مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي قبل أن ينضم إلى الاجتماع ليون، ثم توجها (بيرنز وليون) للقاء نائب الرئيس للشؤون الدولية محمد البرادعي. والتقى المسؤول الأميركي بعدها وفداً من قيادات «الإخوان» وحلفائهم. وقرر بيرنز تمديد زيارته إلى القاهرة يوماً إضافياً ليلتقي اليوم رئيس الوزراء حازم الببلاوي ونائبه وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. ورجحت مصادر أن يلتقي المسؤول الأميركي وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد الذي وصل الى القاهرة أمس. ولم يستبعد الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي أن يكون الأوروبيون والأميركيون في طريقهم لبلورة مبادرة للحل السياسي. وقال ل «الحياة»: «يحتاجون إلى الاستماع إلى المسؤولين والقوى السياسية لتشكيل موقف يمكنهم من طرح بعض الأفكار». وأضاف: «لا نمانع في الاستماع إلى الأطراف الخارجية. هذه ليست وساطة وإنما طرح للأفكار، والقرار النهائي يتخذ بحسب مصلحة البلد والأمن القومي. نحتاج في البداية إلى أن يتوقف الطرف الآخر (الإخوان) عن التصعيد والعنف لإتاحة الفرصة للحوار، ونحن تعهدنا غير مرة بعدم إقصاء أحد من العملية السياسية، وأن الجميع مدعوون للمشاركة». والتقى نائب وزير الخارجية الأميركي في أحد فنادق القاهرة وفداً من «تحالف دعم الشرعية» الذي يقوده «الإخوان»، ضم الوزيرين السابقين عمرو دراج ومحمد علي بشر والناطق باسم حزب «الوسط» الإسلامي طارق الملط وعضو «جبهة الضمير» نيفين ملاك. وعلمت الزميلة «الحياة» أن بيرنز، وقبله ليون، اتفق مع «الإخوان» على ضرورة عقد هدنة بين الطرفين تضمن عدم التصعيد وتمهد لاتفاق سياسي، فيما كان لافتاً أن يبدي الوفد أمس بعض المرونة تجاه الدخول في محادثات مع الحكم الموقت والتخلي عن عودة مرسي والاعتراف بمطالب متظاهري 30 حزيران (يونيو) الماضي، لكنه رفض أن يكون الجيش طرفاً في أي حوار. وقال الملط ل الزميلة «الحياة»: «أكدنا ضرورة التوصل إلى حل سياسي، ورحبنا بالمبادرات التي أطلقت في الفترة الأخيرة لتسوية الأزمة، لكننا نرى أن الحل يجب أن يأتي من دستور 2012 (الذي عطله الجيش) كما رفضنا أن يكون وزير الدفاع طرفاً في أي محادثات». وأشار إلى أن «الوفد لم يتطرق إلى قضية عودة مرسي إلى الحكم، كما أننا رفضنا أن يكون الجيش لاعباً في العملية السياسية». وأوضح: «أبدينا احترامنا للمتظاهرين الذين خرجوا في 30 حزيران (يونيو)، وهم أيضاً يجب أن يحترموا رغبة آلاف المعتصمين منذ أكثر من شهر للمطالبة بإبعاد الجيش عن السياسية». وتابع: «قلنا للمسؤول الأميركي يجب أن يكون مقياس الإرادة الشعبية هو الصناديق وليس الحشد والحشد المضاد، وإذا كانت هناك ملايين خرجت إلى الشارع من أجل إطاحة مرسي عن الحكم، فهناك ملايين خرجت لأكثر من شهر لاختفاء السيسي من المشهد السياسي». وكان السيسي قال في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، رداً على سؤال عما إذا كان سيرشح نفسه لمنصب الرئيس، إنه «لا يطمح إلى السلطة». وأضاف لمحاوره: «أنت لا تصدق أن بعض الناس لا يطمحون إلى السلطة». وسُئل: «هل أنت منهم؟»، فرد: «نعم». وحض الولاياتالمتحدة على استخدام نفوذها لدى جماعة «الإخوان» لإنهاء الأزمة السياسية، مشيراً إلى أن نظيره الأميركي تشاك هيغل يتصل به بصورة شبه يومية. ودعا هيغل أمس السيسي إلى دعم عملية سياسية تكون «مفتوحة أمام الجميع». واعرب عن «قلقه إزاء أعمال العنف الأخيرة في مصر وحض الفريق أول السيسي على دعم عملية سياسية تكون مفتوحة امام الجميع»، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الاميركية اثر اتصال هاتفي بين هيغل والسيسي صباحا. وأضاف البيان أن السيسي أكد لهيغل «ان السلطات المصرية تعمل على إنجاح عملية مصالحة سياسية، وبأنه ينتظر اللقاء مع وليام بيرنز». ميدانياً، دعت جماعة «الإخوان» إلى تظاهرات جديدة اليوم، في محاولة على ما يبدو لعرض قوتها وتحسين موقفها قبل المفاوضات المرتقبة. ورفض آلاف من مؤيدي مرسي فض اعتصاميهم في «رابعة العدوية» شرق القاهرة و «النهضة» في الجيزة، غير آبهين بتحذيرات السلطات المتكررة لهم ومناشدتها فض الاعتصامين. ولم يتمكن أنصار مرسي من التصعيد عبر تنظيم اعتصامين جديدين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي وفي منطقة «الألف مسكن» قرب مطار القاهرة، إذ وقعت اشتباكات عنيفة بينهم وبين الأهالي والأمن من جهة أخرى انتهت بفض تجمعهم في «الألف مسكن». كما وقعت اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي استمرت حتى بعد منتصف ليل الجمعة - السبت وجُرح فيها العشرات وأوقفت الشرطة أكثر من 30 من «مثيري الشغب والإرهابيين».