تحولت تظاهرات المعارضة المصرية أمس للمطالبة بإقالة النائب العام طلعت عبدالله بعد حكم قضائي بإلغاء تعيينه ورفضاً لتهديد الرئيس محمد مرسي معارضيه، إلى اشتباكات بين المعارضة من جهة وأنصار «الإخوان المسلمين» والشرطة ومجهولين من جهة أخرى، فيما كشفت مصادر فرنسية أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعرب لنظيره الفرنسي لوران فابيوس عن «شكوك» في قدرة مرسي على تجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية. واندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهري المعارضة وأنصار «الإخوان» في محافظة الإسكندرية ومدينة المحلة الكبرى العمالية، فيما وقعت مواجهات بين مجهولين ومعتصمين في ميدان التحرير تحولت على إثرها منطقة وسط القاهرة إلى ساحة للكر والفر، وسقط مصابون في اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين في محافظة الشرقية في دلتا النيل. وحاصرت تظاهرات المعارضة مقر دار القضاء العالي في القاهرة للمطالبة بإقالة النائب العام في أعقاب حكم بإلغاء قرار تعيينه عزز مطالب إطاحته، خصوصاً بعدما أمرت النيابة العامة بضبط وإحضار خمسة ناشطين بارزين على خلفية اشتباكات بين «الإخوان» ومعارضيهم الأسبوع الماضي خلفت أكثر من 200 جريح. وردد المتظاهرون هتافات ضد «الإخوان» ومرسي وعبدالله، فيما وقعت مشادات بسبب هتافات مؤيدة للعسكر وأخرى مناهضة لهم. وهاجم مسلحون مجهولون المعتصمين في ميدان التحرير مساء أول من أمس للمرة الثانية، ودارت اشتباكات بين المعتصمين والمسلحين في منطقة وسط القاهرة التي تحولت إلى ساحة كبيرة ل «حرب شوارع»، وسط تحطيم سيارات خاصة ومحلات تجارية. وانطلقت في الإسكندرية مسيرة تضم مئات من ساحة مسجد القائد إبراهيم في اتجاه المنطقة الشمالية العسكرية، وسط هتافات تطالب الجيش بالتدخل. وهاجم أنصار «الإخوان» المتظاهرين أمام محطة القطار الرئيسة، ودارت اشتباكات بين الطرفين في شوارع المنطقة سقط فيها عشرات المصابين. وتوجه عدد من المتظاهرين إلى مقر جماعة «الإخوان» في حي سيدي جابر ورشقوه بالحجارة، وتصدى لهم شباب «الإخوان» ودارت مواجهات بين الطرفين توقفت بسببها حركة القطارات. وفي الشرقية مسقط رأس الرئيس مرسي، نظم مئات مسيرة في شوارع مدينة الزقازيق عاصمة المحافظة هتفت ضد الرئيس، وهاجم متظاهرون مقر حزب «الحرية والعدالة» الحاكم في المدينة ورشقوه بالحجارة والزجاجات الحارقة، فردت قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز لتفريقهم، ودارت اشتباكات بين الطرفين. كما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين ومجهولين في مدينة المحلة الكبرى قرب مقر «الحرية والعدالة» الذي فرض شباب «الإخوان» طوقاً حوله لمنع المتظاهرين من الاقتراب منه. من جهة أخرى، تواصلت ردود الفعل على الحكم ببطلان تعيين النائب العام، إذ اعتبرت «لجنة شباب القضاة والنيابة العامة» الحكم «فرصة جيدة للرئيس مرسي لتصحيح الوضع الخاطئ الذي انجرف إليه القضاء المصري». واعتبرت في بيان أن «الأمر حالياً بيد الرئيس وأمامه فرصة ليؤكد احترامه للقضاء واستقلاله بأن يعلن احترامه للحكم ويطلب من مجلس القضاء أن يختار نائباً عاماً جديداً يكتفي الرئيس بالتصديق على تعيينه حسب الدستور الجديد». وهددت اللجنة بالتصعيد في حال أصرت السلطة على الالتفاف على الحكم، وأكدت أن «أعضاء النيابة العامة في جميع نيابات مصر ملتزمون تنفيذ هذا الحكم، والمستشار عبدالله لم يعد هو النائب العام لجمهورية مصر العربية، فلا تعامل معه مطلقاً، وسنتخذ من الإجراءات التصعيدية ما يحقق مطلبنا المشروع مهما كلفنا ذلك». وفي باريس، كشف ل «الحياة» مصدر مطلع أن وزير الخارجية الأميركي أبلغ نظيره الفرنسي خلال لقائهما في باريس الاربعاء الماضي عن «شكوكه باحتمال خروج مصر مع مرسي من الأزمة الاقتصادية والسياسية». وأضاف أن كيري «كان رأيه سلبياً حيال رئاسة مرسي، ورأى أن القرارات الاقتصادية التي اتخذها غير فاعلة ولديه تساؤلات عدة حول مرسي ومستقبل مصر معه». ويزور وزير الخارجية المصري محمد كامل عمر الأسبوع المقبل باريس حيث يلتقي نظيره الفرنسي. لكن المصدر أكد ل «الحياة» أن «هناك قناعة فرنسية بأن النفوذ في مصر ليس في وزارة الخارجية ولا حتى في الرئاسة، ولكنه في إطار جماعة الإخوان المسلمين». ودان البيت الأبيض أمس حوادث اغتصاب واعتداءات تعرضت لها نساء في تظاهرات المعارضة، ودعا الحكومة المصرية إلى منع العنف الجنسي وملاحقة المسؤولين عن الاعتداءات. ونقلت وكالة «رويترز» عن نائب السكرتير الصحافي للبيت الأبيض جوش إرنست قوله: «وقعت حوادث عنف جنسي بينها اغتصاب جماعي أثناء تظاهرات نظمت أخيراً في مصر. هذا مبعث قلق بالغ للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ولكثير من المصريين. هؤلاء الضحايا أمهات وزوجات وبنات وشقيقات». وأضاف أن الحكومة المصرية مسؤولة عن اتخاذ إجراءات قانونية لمنع العنف الجنسي ومحاكمة المشاركين في هذه الجرائم. وتابع: «انه لأمر مقزز أن يلقي بعض المصريين باللوم على ضحايا الاغتصاب والاعتداءات في ذلك. ندين بقوة هذه الآراء ونؤكد من جديد حق النساء في التعبير عن أنفسهن في الميادين العامة إلى جانب الرجال».