ضبط (3) مقيمين مخالفين لتلويثهم البيئة بحرق مخلفات عشوائية في منطقة مكة المكرمة    السعودية تستضيف النسخة ال 27 لبطولة مجلس التعاون الخليجي للجولف في جدة    متحف طارق عبد الحكيم يحتفل ب«يوم التأسيس»    «مشورة» ينتهي من آخر حلقاته استعداداً لرمضان    التقنيات الناشئة.. حلول نوعية نحو دعم مستقبل الحكومة الرقمية    نحو اقتصاد عالمي ومستدام    فيلم رعب في بروكسل    مصر مش بس حلوة هي كلها حاجة حلوة !    دولة التنمية ودول «البيان رقم 1»    واشنطن تقترح «نهاية سريعة» لحرب أوكرانيا    الاحتلال يواصل عدوانه على الضفة وعشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    ماذا يعني هبوط أحُد والأنصار ؟    الاتحاد على عرش الصدارة    330 لاعباً يتنافسون في اليوم الثاني لبطولة الاتحاد السعودي للسهام بجازان    الشيخ خالد البدر الصباح: يوم تأسيس المملكة فخر وعز لأبناء مجلس التعاون    الأخضر السعودي يكسب اليمن في كأس الخليج لقدامى اللاعبين    الأسياح.. أوبريت وطني وعرضة سعودية    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    وزارة الداخلية تختتم مبادرة "مكان التاريخ" احتفاءً بيوم التأسيس في المركز الأمني التاريخي بالجبيلة    محمد بن زقر في ذمة الله !    «الثقافة» تختتم حفلات يوم التأسيس ب «ليلة السمر» مع رابح صقر في أجواء استثنائية    الاتحاد صديقي    الأمر بالمعروف في جازان تحتفي "بيوم التأسيس" وتنشر عددًا من المحتويات التوعوية    نمو قوي لإقراض الشركات الصغيرة في الصين    25 طنا من التمور لبلغاريا    مباحثات برلمانية سعودية إيطالية    مصر: إيرادات قناة السويس تنخفض إلى 7.2 مليار دولار    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    500 لاعب يبرزون مواهبهم بالسهام    إحباط تهريب 525 كجم من القات    تركيب اللوحات الدلالية للأئمة والملوك على 15 ميدانا بالرياض    الجهات الأمنية بالرياض تباشر واقعة إطلاق نار بين أشخاص مرتبطة بجرائم مخدرات    هيئة الهلال الأحمر بنجران ‏تشارك في احتفالات يوم التأسيس 2025    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    حملة توعوية عن "الفايبروميالجيا"    وادي الدواسر تحتفي ب "يوم التأسيس"    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    آل برناوي يحتفلون بزواج إدريس    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    بنهج التأسيس وطموح المستقبل.. تجمع الرياض الصحي الأول يجسد نموذج الرعاية الصحية السعودي    إصابة فلسطينيين في رفح    «عكاظ» تنشر شروط مراكز بيع المركبات الملغى تسجيلها    علماء صينيون يثيرون القلق: فايروس جديد في الخفافيش !    انخفاض درجات الحرارة وتكون للصقيع في عدة مناطق    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    ابتهاجاً بذكرى مرور 3 قرون على إقامة الدولة السعودية.. اقتصاديون وخبراء: التأسيس.. صنع أعظم قصة نجاح في العالم    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    لا "دولار" ولا "يورو".." الريال" جاي دورو    انطلاق "مهرجان البن" في رجال ألمع    الاستثمار العالمي على طاولة "قمة الأولوية" في ميامي.. السعودية تعزز مستقبل اقتصاد الفضاء    " فوريفر يونق" يظفر بكأس السعودية بعد مواجهة ملحمية مع "رومانتيك واريور"    ضبط وافدين استغلا 8 أطفال في التسول بالرياض    جدة التاريخية تحتفي بيوم التأسيس وتحتضن فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    فجر صناعة السيارات في السعودية    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياضة : البوابه الخلفيه للسياسة المصرية
نشر في التميز يوم 19 - 01 - 2013

تعتبر الخريطة السياسية فى قرية غياضة الشرقية بمحافظة بنى سويف كما يرى على عثمان 50 سنة قد بدأت تتغير فى اتجاه غير معلوم ولااحد فى عاصمة المحافظة يهتم بما يحدث فى الريف وفى منطقة شرق النيل بصفة خاصة منتقدا إنكباب قوى المجتمع من النخبة فى بنى سويف العاصمة ومدنها على توعية شرائح لديها وعى سياسى بالأساس تاركين خلفهم القرى تصارع ماضيها السياسى وهذا هو الخطر الذى لم ندركه بعد الثورة فى طول البلاد وعرضها, القرية ثم القرية ثم القرية

وعلى مقهى "السكّرية" الشهيرة بمنطقة الحمرايا بشرق النيل ببنى سويف التى تبعد عن قريته غياضة الشرقية نحو 15 كيلومترات تقريبا يلقى عثمان بعباراته, بحكم عملى فى الصحة منذ اكثر من عشرون عاما كنت أتعامل أحيانا مع البسطاء واكتشفت غياب الوعى بحقوقهم إلى حد كبير، ففكرنا فى تأسيس جمعية ذات طابع تنموى لكن زياراتى المتكرره لميدان التحرير منذ قيام الثورة إلى جانب السجالات الدائرة بين التيارات السياسية والنخبةكشفت لى أن التاريخ يُصنع بشكل آخر وهو ماجعلنا نفكر فى تحول مشروع الجمعية إلى (رابطة للوعى السياسى) بالقرية غياضة وتوابعها .. يأمل " على عثمان " ورفاقه فى أن يكون لهم دور فى تغيير ملامح العملية السياسية فى قريتهم فى المرحلة القادمة

فى الطريق إلى "غياضة" يشرح طبيعة القوى السياسية هناك قائلا: كانت أكبر قوة سياسية بيد الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل كسائر الريف المصرى وأما أسس إختيار النائب فكانت تحددها أمور كثيرة كقدرة المرشح على التأثير على العائلات ذات القدرة التصويتية العالية وقريتنا تتبع دائرة ببا الإنتخابية حيث يراهن كل مرشح برلمانى بالدائرة على إجتذاب أصوات الشراقوة من أجل نيل كرسى البرلمان

وعلى مقهى "عوض الحيملى" الصغيرة فى مدخل القرية ينتمى عُمر إلى إحدى العائلات المؤثرة سياسيا فى القرية يتذكر معاناة جيلة من الإحباط وعدم ممارسة السياسة فى الجامعة .. يقول فى عام 1997 انضممت إلى حزب "الوفد الجديد" مخالفا لوالدى الذى كان سابقا عضوا فى الاتحاد الاشتراكى ثم من بعده عضوا فى الحزب الوطنى بالتبعية وينوى عمر رمضان تأسيس مقر لحزب الوفد الجديد بالقرية مستندا إلى اختلاف الأجواء عن السابق

ويقول: كان الأمر فى الماضى يصل إلى حد تدخل البعض فى طموحاتى السياسية تحت تأثير قوة الحزب الوطنى على العائلة وقتها وازداد الأمر حين انضممت إلى حزب الوفد واعتبرونى فى القرية "مجنونا " وضد نظام مبارك أما اليوم وبعد ثورة التحرر أستطيع الكلام بالمناسبات العمة الإجتماعية لاُعلن صفتى المحسوبة على الوفديين بعد أن عادتالحياة شيئا ما إلى هذه الاحزاب وأصبحت المحظورة ليست محظورة بل اصبحت فى سُدة الحكم.

تلك الحالة الجديدة على القرية التى يستبشر بها على عثمان وعمر رمضان لايزال يصاحبها غموض قادم خصوصا أن القواعد القديمة للعملية السياسية لم تتغير وهناك شرائح كانت مؤيدة للحزب الوطنى ما زالت تتحسس الطريق أحدهم على سبيل المثال هو "الشيخ مبروك" الذى كان عاشقا للحزب الوطنى ونائب الحزب الوطنى والوحيد الذى لم يتبرأ حتى الآن من ماضيه السياسى قائلا:

وبحكم خبرته السياسية فى القرية يرى أن قواعد اللعبة السياسية لن تختلف كثيرا عن ماضيها ويشرح ذلك ربما يكون هناك 20% من الناخبين هم من سيختارون مرشحهم على أساس سليم أما الباقون فستظل تحكمهم القواعد القديمة اعتمادا على علاقة المرشح بالعائلات والعصبيات والقبليات وما يقدمه من إنفاق على القرية بل أعتقد أن التيار الاسلامى بكافة اطيافه قادم فى شراكة محدودة مع بعض هذه العائلات كما كان يفعل سلفه– الوطنى المنحل - اما أحزاب الانابيب الجديدة كما يطلق عليها الشيخ مبروك فلن تجد رواجا بين أبناء الريف لانهم مازالوا بعيدين كل البعد عن واقع العقلية المصرية بل وينظرون له من اعلى وهنا تكمن المشكله.

ينضم إلى الجلسة طالبا بالسنة النهائية فى كلية الادآب إسلام سعيد وصديقه خالد صلاح بكلية الحقوق وكلاهما من زملاء عمر رمضان فى الجمعية الجديدة ذات الموقف السياسى الداعى للدولة المدنية، بمجرد مجيئهما إستدعى الحديث عن الإخوان المسلمين فى القرية موقفا تعرضا له أثناء الاستفتاء الأخير إذ وقع اشتباك طفيف أمام مقر اللجان بمدرسة غياضة الشرقية عندما حاول بعض الشباب طرح وجهة نظرهم حول التعديلات الدستورالجديد وقالوا " لا " خوفا من تأثير الإخوان على الجماهير والزج بهم ناحية (نعم). يقول عمر رمضان لقد وصفنا احدهم باننا ثورة مضادة رغم اننا جميعا شاركنا فى الثورة

ويتنامى نشاط التيار الإسلامى فى القرية بشكل ملحوظ عبر النشاط الخدمى والدعوى والتواصل الفعال مع الجماهير لكن تظل هناك قواعد متشابكة داخل " منطقة شرق النيل " لاختيار المرشح البرلمانى، منها أن يكون المرشح من أبناء المنطقة او مربوط معها بصلة عصبية اوقبيليه

ولدى عماد الدين عثمان أحد المنتمين لحزب الحرية والعدالة بقرية غياضة الشرقية تعليقات حول مخاوف البعض من ازدياد فرص الإخوان فى المستقبل إذ يقول ليس ذنب الإخوان أن فاعلياتهم تعمل طوال العام وليست فى المواسم الإنتخابية فقط أضف إلى هذا أن لديهم خطة عمل وحملات تثقيفية قادمة وأنشطة خدمية لقريتنا التى حرمها الحزب الوطنى كثيرا من ابسط حقوقها فى التنمية او ايجاد حلول لمشكلة البطاله لابنائها

يزداد القلق لدى بعض الشرائح المثقفة فى القرية وأنصار الحزب الوطنى المنحل من تنامى التيار الدينى بالقرية خاصة بعد الهجمة الإعلامية الشرسة عليه وكلها تخوفات تزداد لدى شاب مثل عمر رمضان الذى يسترجع كلمات لشيوخ السلف عن الدولة المدنية والدولة الدينية وهذه التخوفات يراها كارم محمود المنتمى إلى التيار الاسلامى أمرا مبالغا فيه قائلا ما الضرر أن تكون مرجعيتى دينية فى مقابل مرجعيات كثيرة علمانية ولبرالية واحيانا ماركسية

يخرج أيمن انور الشاب الذى لم يتجاوز 30 سنة عن صمته طوال فترة جلوسه على المقهى كاشفا عن أنه ينتمى لأقلية نادرة من اليساريين فى قرية غياضة الشرقية بل أنه عضو فى حزب التجمع من قبل الثورة ويقول لا شك أنها غربة أن تكون ضمن أقلية فى مواجهة كتلة كبيرة مؤيدة للحزب الوطنى المنحل ووسط حضور للتيار الدينى هنا والذى بدأ ملحوظا تناميه فى هذه الفترة القصيرة بعد الثورة ولاسيما فى القرى ذات الطابع القبلى كقريتنا

يبتسم صديقه أسامة الحبشى الذى طالما عارضه فى انتمائه السياسى لكن أنور يكمل حديثه لا شك أن هناك صورة نمطية لليسارى فى القرية بل فى اغلب الريف المصرى بصفة عامة خصوصا مع تحذيرات المشايخ على المنابر طوال السنوات الماضية وارتباط القرى بالنزعه الدينية وسطوة الحزب الوطنى فى السابق والتضييق الأمنى .. أما الآن فحسبما يصف أيمن انور أصبحت لنا شرعية كشباب بعد نجاح الثورة حتى فى التعامل مع عائلاتنا

صخب الحديث عن المستقبل يشوش عليه صخب السيارات التى تمر من أمام المقهى فى طريق المقابر للوصول الى المعدية الوحيدة التى تربط ضفتى النيل شرقا وغربا عند مركز ببا ومقاطعة المارة للحديث بالسلامات والتحيات كعادة اهل الريف وفى إحدى اللحظات الهادئة يقتنص أسامة الحبشى عضو الجمعية الفرصة لافتا إلى أمر خطير داخل القرية ويقول: أخطر ما قد نواجهه مستقبلا هو تفتيت الأصوات مع ازدياد عدد المرشحين وهو ما قد يأتىمستقبلا بنواب لا نرغب فيهم وغير مرضين لطموحنا ونجد عجلة الزمن تعود بنا للوراء واللهم إلا تغيير الأسماء والصفة الحزبية ونحن نصفق للحاضر كما كنا نصفق للماضى ..

يصمت الجميع قليلا ثم يبدأ على عثمان الأكبر سنا فى طرح مقترحات مشيرا إلى تعاونه مع بعض القوى الشبيهة فى بنى سويف العاصمة مثل بعض الائتلافات الشبابية الجديدةوجبهة الإنقاذ رغم أنه لايجد لها تواجدا ملموس بالشارع السويفى رغم انها تمثل كافة الإتجاهات السياسية ..

العبارة لم تمنع أسامة الحبشى من العودة إلى نقطته الأولى مرة أخرى قائلا «كل ما نخشاه هو أن نراهن كشباب مستقل على أحد المرشحين وندعمه ثم يخذلنا .. نحن مقدمون على مرحلة صعبة» أما على عثمان فيختتم قائلا: «الريف هو البوابة الخلفية للسياسة فى مصر فإن لم تحموا بوابة مصر الخلفية فانتظروا عودة الماضى قريبا .. وقولوا على الثورةالسلام»

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.