كثيرة هي غرائب نتائج أول انتخابات رئاسية تنافسية تجرى في مصر، فمحافظة الإسكندرية الساحلية المعروفة بأنها معقل للإسلاميين ومهد لجماعة «الدعوة السلفية»، صوتت باكتساح للمرشح الناصري حمدين صباحي، ومحافظة الشرقية في دلتا النيل التي تعد معقلاً لجماعة «الإخوان المسلمين» وهي مسقط رأس مرشحها محمد مرسي تصدر نتائجها أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في نظام حسني مبارك. أما محافظات الجنوب التي يتم فيها التصويت على أساس قبلي وعصبي وكان يخشى أن يتصدرها شفيق بحكم نفوذ قيادات الحزب الوطني المنحل فيها، فذهبت الكتلة الأكبر من أصواتها إلى مرسي. وفي الإسكندرية التي اختار حزب «النور» السلفي أن تحتضن مقره الرئيس، تصدر صباحي النتائج بفارق كبير عن أقرب منافسيه، إذ حصل على 602 ألف و634 صوتاً، يليه المرشح الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح ب387 ألفا و747 صوتاً، ثم عمرو موسى ب291 ألفاً و950 صوتاً، يليه مرسي ب 269 ألفاً و455 صوتاً، ثم شفيق ب 212 ألفاً و219 صوتاً. وبدا لافتاً فارق الأصوات بين صباحي وأبو الفتوح الذي تخطى 200 ألف صوت في محافظة كان متوقعاً أن تكون ضمن الكتلة التصويتية لأبو الفتوح في ظل إعلان حزب «النور» و «الدعوة السلفية» دعمهما له، كما أن مرشح «الإخوان» حقق نتائج هزيلة في المحافظة التي بدا أن تركيبتها السياسية تغيرت ولم تعد معقلاً مهما للإسلاميين. لكن منظر «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم يرى أن تدني أصوات أبو الفتوح في الإسكندرية سببه عزوف السلفيين عن الاقتراع في ظل عدم اقتناعهم بأي من مرسي أو أبو الفتوح ورغبتهم في التصويت لمصلحة مرشح سلفي، خصوصاً بالنظر إلى الاختلافات الجوهرية بين السلفيين و «الإخوان». واعتبر أن «صعود صباحي في الإسكندرية مرده تأييد الشباب له، خصوصاً أن غالبية شباب المحافظة من الطبيعي أن تذهب أصواتهم إلى المرشح الذي قدم نفسه على اعتبار أنه مرشح الثورة، إذ أنهم متعاطفون بطبيعة الحال مع أيقونة الثورة الشاب خالد سعيد وموطنه الإسكندرية». وكان مقتل خالد سعيد على يد رجلي شرطة بعد تعذيبه أطلق موجة احتجاجات شبابية قبل الثورة بدأت من محافظة الإسكندرية، حتى أن الدعوة إلى تظاهرات 25 كانون الثاني (يناير) 2011 التي انتهت بإطاحة مبارك انطلقت من صفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» التي تضم أكثر من مليوني مشترك. وفي محافظة الشرقية التي دأب مرسي على عرض قوته فيها بحكم أنها موطنه وتصدرت جماعة «الإخوان» نتائج انتخابات البرلمان فيها، ذهبت الكتلة الأكبر من أصواتها لشفيق الذي نال نحو 625 ألف صوت بفارق نحو 90 ألف صوت عن مرسي. ورغم أن الشرقية، وهي أكبر ثالث محافظة من حيث عدد الناخبين، هي موطن شفيق أيضاً، لكن عُرف عنها ميلها إلى «الإخوان» بحكم انتماء عدد كبير من قيادات الجماعة إليها. وحقق شفيق نتائج جيدة في محافظات الدلتا التي اكتسحها التيار الإسلامي في انتخابات البرلمان، إذ تصدر النتائج في محافظات الغربية والقليوبية والمنوفية وحل ثانياً في الدقهلية بفارق بسيط عن مرسي. وفي الصعيد، خالف الناخبون كل التوقعات التي ذهبت إلى تصدر المرشحين المحسوبين على النظام السابق، خصوصاً شفيق نتائجها، بحكم النفوذ القبلي والعائلي لقيادات الحزب الوطني المنحل فيها، فضلاً عن أن عدداً من محافظات الجنوب تنتشر فيها غالبية قبطية، لكن المفاجأة كانت في تصدر مرشح «الإخوان» محمد مرسي نتائج غالبية محافظات الصعيد، إذ تصدر نتائج محافظات قنا والمنيا وأسيوط التي تتميز بانتشار الأقباط في كل مدنها، وحل شفيق وصيفاً. وتصدر شفيق نتائج محافظات بني سويف وسوهاج وأسوان والفيوم. اللافت أيضاً أن محافظات يعتمد سكانها أساساً على السياحة في مقدمها أسوان اختارت مرسي ومن قبله انتخبت أعضاء «الإخوان» في البرلمان، رغم حملات التخويف المكثفة من أن وصول الإسلاميين إلى السلطة سيتبعه فرض قيود على صناعة السياحة. كما أن محافظتي جنوبسيناء والأقصر حل مرسي فيهما وصيفاً بفارق بسيط عن موسى وشفيق اللذين تصدرا نتائجهما. وإن كان صباحي تصدر في محافظة البحر الأحمر.