تنوعت الكتب التي قرأها مثقفون سعوديون بين روايات ونقد وفكر، معتبرين إياها الأهم في عام 2012 العام الذي ودعنا قبل يومين. لكن هؤلاء المثقفين، بحسب الاستطلاع الذي أجرته «الحياة»، لم يتفقوا على أحداث ثقافية بارزة، ويرى غالبيتهم أن الركود الثقافي يكاد يضرب المشهد الثقافي برمته. تحدث المثقفون هنا عن روايات استوقفتهم أحداثها وأجواؤها، كما أشار بعضهم إلى أكثر من حدث اعتبره مهماً، مثل جائزة الرواية التي ذهبت إلى الكاتب ماجد الجارد، ومعرض الرياض للكتاب، والانتخابات التي شهدتها الأندية الأدبية... هنا شهادات المثقفين: خالد المرضي: تاريخ العلم أهم كتاب «تاريخ العلم» لمؤلفه جون غريبين، الصادر عن عالم المعرفة، والكتاب موسوعة كتبت بأسلوب أدبي روائي شيق، تحكي تاريخ تطور العلم، كما أنه يبحث في حق الإنسان والمجتمع للبحث والإبداع بأساليب غير تقليدية، والتحرر من سلطة القديم، ويتحدث عن معاناة المجددين من أصحاب الفكر في صراعهم مع معارضيهم، هو باختصار ينير الطريق الذي سلكه العلم مواجهاً الفكر التقليدي بامتداد الحضارات المختلفة. أما أهم حدث ثقافي، فهو معرض الكتاب بالرياض.
هناء حجازي: كاتب مختلف أهم كتاب قرأته هو رواية «وزن الروح»، وهي رواية مترجمة عن الفرنسية للكاتب الفرنسي من أصل جزائري مالك الراشدي. وتكمن أهميته بالنسبة لي لمعرفتي بالكاتب شخصياً، إذ التقينا في برنامج الكتابة العالمي في أميركا، لكن السبب الرئيس في اختياري هو جمال الرواية، وإلقاؤها الضوء على فئة مهمشة في فرنسا، وهي فئة الفقراء الذين يعيشون في ضواحي باريس، وهم مهاجرون من بلدان العالم الثالث. أما الحدث الثقافي الأهم، فهو تأصيل جائزة الرواية من أدبي حائل، إذ نجحت من وجهة نظري هذه السنة في منح الجائزة لرواية مختلفة لكاتب مختلف، إضافة طبعاً لبقية الفائزين. باختصار كان حدثاً مهماً أن تنجح الجائزة في دورتها الثانية في تأكيد أهميتها وصدقيتها لأحد أهم الإبداعات الثقافية الجماهيرية سامي جريدي: سمراويت أهم كتاب هو رواية «سمراويت» لحجي جابر، وهذا ليس نقصاً في غيرها مما قرأت، لكن هذه هي الحقيقة. ولا يوجد حدث ثقافي مهم أراه، وما أراه هو تدن ثقافي. عبدالعزيز عاشور: أن تقرأ لوليتا في طهران أهم كتاب قرأته كان رواية «أن تقرأ لوليتا في طهران» للأديبة آذر نفيسي، وهو رواية تكشف عن القمع الذي مارسه النظام الإيراني على الفكر الإنساني، من خلال التعليم، وتقليم دور الثقافة، والرواية ممتعة، وفيها إضاءات مستفيضة لدور الحوارات الفكرية، التي تنهض بالمعرفة في فنون السرد إلى حد الدهشة.
حمد العيسى: القنبلة أهم كتاب قرأته هو كتاب «القنبلة» للمؤرخ والمفكر الأميركي الراحل هوارد زن، الذي صدر بعد وفاة المؤلف في كانون الثاني (يناير) 2010 بأسابيع، وهو كتاب مهم، ويكشف فيه بالوثائق سراً خطراً ومثيراً، وهو قيام أميركا باستعمال القنبلة الذرية، على رغم معرفتها بنية اليابان الاستسلام، إذ استطاعت المخابرات العسكرية الأميركية – يقول زن - فك شفرة الاتصالات اليابانية، وعلمت بنيتها الاستسلام بشرط بسيط هو المحافظة على منزلة الإمبراطور، ولكن الرئيس ترومان قرر استخدام القنبلة الذرية، لكي يردع ستالين، ويمنعه من التوسع.
ماجد الجارد: جائزة الرواية وتصبح على خير يا سيد توم بالنسبة لي كان عام 2012 حافلاً قرائياً، ولكن من الجميل أنه ختم بكتاب لم يكن فلسفياً أو تاريخياً، أو يتسم بالصرامة، إذ اختتمته بمطالعة رواية «تصبح على خير يا سيد توم» للمؤلف ميشيل ماقريان، إنها رواية من أدب الطفل، تدور أحداثها إبان فترة الحرب العالمية الثانية، إذ قامت الأسر اللندنية بإرسال أبنائها إلى مناطق أكثر أمناً داخل الريف الإنكليزي. كل أسرة ريفية تستقبل عدداً من الأطفال، كمساهمة في المجهود الحربي، أما الحدث الأهم على المستوى الشخصي، فهو حصول رواية «نزل الظلام» على جائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن التي ينظمها نادي أدبي حائل. هذه الأمنية التي تحققت هي ابنة عام 2012، ففيه سعيت لتحقيقها ثم نلتها.
فارس الهمزاني: مذكرات ستيف جوبز ورحيل العفنان كتاب مذكرات «ستيف جوبز»، هذا الرجل الذي من سيرته نعرف معنى الصبر والمثابرة، وأن الأقوال إن لم تدون على أرض الواقع، فلا رجاء منها، هو يؤكد مقولة انشتاين بأن العبقرية بحاجة إلى واحد في المئة ذكاء، و99 في المئة عمل! أما الحدث الثقافي الأبرز، فهو رحيل الأديب سعد العفنان، بعد أن مد المكتبات بأكثر من 55 مؤلفاً، وللأسف عاش فقيراً ومات فقيراً والمثقف السعودي لا يزال في ذيل قائمة الاحتفاء لو قورن بلاعب الكرة والمطرب!
بدر السماري: أحداث تجاوزها الزمن أفضل كتاب قرأته هما مناصفة بين «ألوان أخرى» لأورهان باموق لتجلياته في الحديث عن السرد، والعمل الآخر هو رواية «كافكا على الشاطئ»، فهي تقدم النموذج الممتع في الرواية الحديثة، أما أهم حدث ثقافي محلي، فبصراحة كل الأحداث رتيبة وتجاوزها الزمن، ولا توجد أحداث ثقافية مهمة محلياً.
فراس عالم: زمن الصحوة أفضل كتاب هو «زمن الصحوة.. الحركات الإسلامية المعاصرة في السعودية» لستيفان لاكروا، ترجمة عبدالحق الزموري، ونشرته الشبكة العربية للأبحاث والنشر. ويتميز الكتاب بنفس بحثي وتحليلي عميق ونافذ ومحايد في الوقت نفسه، وما يتتبعه المؤلف هنا هو جذور التيار الصحوي وتفريعاته والعوامل التي أدت لازدهاره حيناً وأفوله حيناً آخر. أما الحدث الثقافي المحلي، فللأسف كان الركود هو السمة الطاغية على المشهد، المعارك الصغيرة في الأندية الأدبية، والمناوشات الباردة هنا وهناك، والعربة الثقافية تسير ببطء شديد ينبئ بتعثر قريب للأسف.
علوان السهيمي: ليلة لشبونة أفضل كتاب هو رواية «ليلة لشبونة»، لأنها ترسم لنا زيف السياسة، وأن السياسة آخر ما تفكر فيه هو الإنسان، وأن كل التنظير السياسي مجرد كذب بطريقة مؤدبة، أما أهم حدث ثقافي فهو انتخابات الأندية الأدبية، لأنها كشفت لنا أخلاق المثقفين بشكل جيد.
طاهر الزهراني: استدلال السلف بالعقل وملتقى سين أهم كتاب قرأته في هذا العام هو كتاب «استدلال السلف بالعقل» لعبدالواحد الأنصاري، فهو بحث المسألة بشكل جاد وباختصار مذهل وبمنهجية واضحة المعالم لا يجيدها إلا متضلع في العلم الشرعي، أما أهم حدث ثقافي، فهو «ملتقى سين»، الذي أقيم في جمعية الثقافة والفنون في جدة، وأشرف عليه الشاعر عيد الخميسي.
عبدالله العمري: مقدمة ابن خلدون أحدث الربيع العربي الكثير من المتغيرات في التركيبات السياسية والاجتماعية لمعظم البلاد العربية، إلا أنني ذهبت مسرعاً لأعيد مطالعة «تاريخ ابن خلدون»، أو ما يعرف عندنا بالمُقدمة. ومكثت أطابق بين ما ذُكر في جنبات الكتاب عن أسباب انهيار الدول وازدهارها، وبين ما تعيشه شعوب اليوم. لأجد أنه أعانني على تفسير تلك الأحداث بكل يسر وسهولة. عايشنا جميعاً هذه السنة كثيراً من الفعاليات الرائعة، أولاها من الرياض، حيث معرض الكتاب الدولي، الذي وقعت فيه روايتي الأولى «23 يوم»، ثم مهرجان الجنادرية، ثم سوق عكاظ بجادته بالطائف، ولكنني أعتقد أن «اليوم العالمي للغة العربية» أقرب إلى هوى نفسي من الأخريات.
فايد العليوي: الفتوحات العربية حقيقة إن قراءاتي مستمرة في التراث الغربي والتراث الإسلامي، لاسيما التفسير والتاريخ، إضافة إلى متابعة معظم ما يصدر حديثاً من الكتب الجيدة ك«سؤال العمل» لطه عبدالرحمن، و«الفتوحات العربية في روايات المغلوبين» لحسام عيتاني وغيرهما، ولعل أهم ما قرأت في 2021 كتاب «الحقوق والحريات السياسية في الشريعة الإسلامية» لرحيّل غرايبة، وتكمن أهميته بالنسبة لي في أنه يقدم للقارئ مدنية الإسلام الحقيقية، وتصوره الحقيقي لشكل الدولة والنظام السياسي، أما أبرز حدث ثقافي محلي، فهو إلغاء نادي القصيم الأدبي لورقتي عبدالرحمن منيف وعبدالله القصيمي، ومطالبة اللجنة المشكلة لأحداث نادي المنطقة الشرقية بإحضار المثقف عبدالله الملحم «مخفوراً».
عبدالله بيلا: الغربال أظن أنَّ كتاب «الغربال» لميخائيل نعيمة هو أحد أهم الكتب التي قرأتها هذا العام، وأرجعُ أهمية الكتاب إلى تناوله أفكاراً صارمة وحادة تجاه المدرسة الشعرية التقليدية، مع أنَّ زمن صدور الكتاب في بدايات القرن العشرين، وهي مرحلة راجت فيها الكلاسيكية في العالم العربي، ولكنّ الآراء الحادة التي احتواها الكتاب، أظن أنها أسهمت في تنشيط الوعي الأدبي والشعري منه، والدفع به إلى الأمام. وبالنسبة لأهم حدثٍ ثقافي محلي في العام 2012، فلا أجدُ الذاكرة محتشدة بالعديد من الفعاليات أو الأحداث المهمة، التي يمكن أن تلفت انتباه المتابع للساحة الثقافية الداخلية.
تركي الجندبي: الديموقراطية من أفضل الكتب التي قرأتها في العام الماضي هو «الديموقراطية.. الجذور وإشكاليّة التطبيق» للمفكر الدكتور محمد الأحمري، إذ قام باستعراض تجربة الدول المختلفة عبر التأريخ العالمي والإسلامي، قديماً وحاضراً، وقام بمحاولة مناقشة النظرة المتحفظة الثقافية أو المجتمعية نحو هذا النوع من الأشكال الإدارية، مقدماً أدلة شرعية وحججاً منطقية تبيّن أن الأخذ بهذه الطريقة ترجحه السنن الفطرية، قبل أن يؤكده نجاح وازدهار التجارب المختلفة القديمة والمعاصرة. ويبدو لي أنه في خضم هذا الصمت الثقافي المحلي الذي يهمس بين فينة وأخرى على خجل، كان لجمعية الثقافة والفنون في جدة من الإسهامات في دفع عجلة الحراك الفني والثقافي ما يُشاد به حقيقة، وإن كان محدوداً أو محصوراً نحو مدينة واحدة، ولكنه ذو أنشطة فاعلة ومستمرة ومتجددة، تحاول أن توازن الكفة قليلاً بعمل من الشباب ولأجلهم.
ماجد سليمان: معرض الكتاب أهم كتاب قرأته في عام 2012 هو رواية «دروز بلغراد» للروائي اللبناني ربيع جابر، لأنها فازت بجائزة البوكر. أما أبرز حدث ثقافي محلي 2012، فهو نجاح معرض الكتاب بالرياض، إذ حقق إقبالاً ونشاطاً أدبياً.