أبدى عدد من المثقفين والشعراء، أسفهم على تداعيات أمطار جدة، وما صاحبها من أحداث مأسوية مثيرة للكثير من الألم، لافتين إلى أنه أهم حدث في العام الماضي 2009، فيما ظلّت تطلعات المثقفين في عامهم الجديد 2010متعلقة بما ستحققه الدولة لهم من منجزات طالما حلموا بها، باعتبارها حقاً من حقوقهم، ومنها اتحاد الكتّاب وصندوق الأدباء، وتأهيل المؤسسات لتحسن التعاطي مع المثقفين والمبدعين محلياً وخارجياً، إضافة إلى أهم الإصدارات في عام 2009. «الحياة» تستكمل اليوم استطلاعها مع المثقفين حول أبرز أحداث العام الماضي. الدكتور عاصم حمدان يقول إن أهم أحداث العام 2009 «هو انعقاد مؤتمر مؤسسة الفكر العربي لتنمية قدرات الشباب، ومؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، الذي أسهم في التقريب بين الأدباء والمفكرين، وتلاقي بعضهم ببعض، إضافة إلى ما أعلنته وزارة الثقافة والإعلام من إضافة 4 قنوات فضائية، من ضمنها القناة الثقافية، التي يجب أن تخرج من إطارها التقليدي، ويتعرف الآخرون على ما تنتجه هذه البلاد من إبداع وأدب، وترفع من الوعي لدى الناس، وتساعد في تقريب وجهات النظر بالحوار البناء والنقد الهادف، وعلى مستوى الإنجاز الشخصي أصدرت هذا العام كتاب «قديم الأدب وحديثه في بيئة المدينةالمنورة»، الذي استغرق منى قرابة ال10 أعوام، سلطت فيه الضوء على أدباء ومثقفين كانوا في فترة سابقة يضيئون سماء الوطن بعلمهم وأدبهم، كما صدر لي عن نادي المدينة الأدبي كتاب آخر هو «تحفة الدهر ونفحة الزهر"، أتمنى أن يكون إضافة مهمة في المكتبة العربية. ويعتبر القاص محمد علي قدس أن أهم حدث هو «اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية، ثم انعقاد مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، الذي أقر فيه تأسيس رابطة الأدباء، وإنشاء صندوق الأدباء التعاوني، وتفعيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب. كما شهد العام الماضي، حضوراً لافتاً للمرأة في مجالات الإبداع والثقافة، ودورها الفعال في الأندية الأدبية والمنتديات والمؤتمرات الأدبية، وفوزها في الانتخابات في المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية». وعلى الصعيد الشخصي، يقول إنه حظى «بتكريم جامعة الدول العربية في مهرجان وملتقى المبدعين العرب، الذي عقد في عمان في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر) في مجال الإبداع الأدبي، وسأحتفي قريباً بصدور مجموعتي القصصية السادسة «ظمأ الجذور»، كما أنني بصدد إصدار كتاب توثيقي مهم سيكون مفاجأة العام الجديد". ويشير القاص عمر العامري إلى أن من أفضل الإصدارات الثقافية في العام 2009 هو «أنطولوجيا القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية» للكاتب خالد اليوسف، لما فيه من توثيق وعمل مؤسساتي، ولعل من أبرز الأحداث أيضاً رحيل الشاعر محمود درويش كفاجعة ثقافية. وترشيحات بعض الأسماء الروائية لجائزة البوكر العربية قد ندرجها كمنجز ثقافي، حتى وإن تراجعت الترشيحات لعبده خال فقط عن روايته «ترمي بشرر»، ولعل من أهم الأعمال الروائية التي قرأتها في العام 2009 «شارع العطايف» لعبدالله بخيت. وعلى المستوى الشخصي، ما زلت أسرد أجزاء من مذكراتي شبه الشخصية في أحد المنتديات الإلكترونية، والتي أنوي الشروع في طباعتها خلال الشهرين المقبلين. وأتمنى في العام الجديد أن تتسارع وتيرة الإصلاح، وأن يخرج الحوار الوطني من الغرف المغلقة إلى فضاء الحياة، وأن تؤخذ بتوصياته أو يتوقف. ويعتبر الكاتب موسى عقيل «لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي» للراحل محمود درويش أهم ما صدر من الكتب خلال هذا العام. «ولكن الأهم بالنسبة لي على المستوى المحلي، والذي يشكّل صورة رمزية كبيرة للماضي والمستقبل هو تعيين أول امرأة سعودية في منصب نائب وزير، وافتتاح جامعة كاوست، ثم تأتي كارثة جدة، ليتجلى لنا الفرق واضحاً بين تيارات تعمل وتصارع من أجل الحياة، وتيارات تسخر حتى الموت لمصالحها». وعلى المستوى الشخصي، يمكن أن أسمي تجارب أدبية جيدة خلال العام 2009 هي قليل من المشاركات الخارجية، والتي أهمها «مهرجان موريتانيا الشعري الأول» في نواكشوط، وبعض المهرجانات والمشاركات الداخلية، كما أنني كنت أعكف خلال العام 2009 على تحهيز ديواني الشعري الثاني «قلب الريح ليس معك"، الذي سيصدر مطلع العام الحالي عن نادي الرياض الأدبي والمركز الثقافي العربي". ويقول الشاعر أحمد الحربي: «كثيرة هي الكتب التي اطلعت عليها هذا العام، ما بين الرواية والتاريخ والدراسات الأدبية، والكتب الثقافية العامة، لكن أهم كتاب قرأته في 2009 هو كتاب «ثقافة العمل التطوعي» للدكتورة أسماء الرويشد. وما زلت أقرأ كتاب «فتنة القول بتعليم البنات في السعودية» للدكتور عبدالله الوشمي. وهو كتاب مقاربة دينية وسياسية واجتماعية. بالنسبة إليّ صدر لي ديوان بعنوان «قادم كلي إليك» ورواية بعنوان «وانتهى موسم الحصاد». ويقول الشاعر أحمد السيد إن أهم كتاب سعودي للعام الماضي هو كتاب «إصلاح التعليم في السعودية « لأحمد العيسى، و»فتنة القول بتعليم البنات» لعبدالله الوشمي. أما أبرز حدث على مستوى المملكة فهو افتتاح جامعة الملك عبدالله، ثم التحقيق في كارثة جدة، ثم حرب الحدود في الحنوب. وعلى المستوى الشخصي «أنجزت جمع كتابي الشعري «زجاج» وسيصدر هذا الأسبوع عن نادي الرياض. وأتمنى أن تنتهي حرب الحدود، وأن تعلن نتائج التحقيق في كارثة جدة ويتم تفعيل أجهزة الرقابة وتفعيل مبدأ «من أين لك هذا؟» وأن يستمر الحراك الفقهي في إظهار الاختلاف. «بانوراما» الثقافة السعودية لعام 2009 تراوحت الأحداث الثقافية السعودية لعام 2009 بين ما هو روتيني أو وطارئ لافت. فإذا كانت معظم نشاطات الأندية الأدبية جاءت رتيبة كالمعتاد، فإن العام شهد تميزاً في مناحٍ أخرى، كتميز نادي حائل بإصداراته ونادي الرياض بجائزته لكتاب العام، وحضور أندية الباحةوجدة وجازان بملتقياتها الأكاديمية الدورية حول الرواية والنص والشعر على التوالي، وتركيز جمعيات الثقافة والفنون على مسابقات المسرح، التي تفوق عدد المسرحيات، التي لا يشاهدها سوى المسرحيين أنفسهم. لكن ما حرك المشهد الثقافي نوعاً ما، هو ما شهده من أحداث شكّل فيها الجدل حول مشاركة المرأة المثقفة في مجالس إدارات الأندية حيزاً واسعا، إضافة إلى ما شهده العام من تجاذبات ألغت مهرجان جدة للأفلام السينمائية إثر عرض «مناحي» كما ألغت عدداً من الندوات والمناظرات، منها ندوة لعبدالله الغذامي في جامعة الإمام، وأخرى لتركي الحمد، وثالثة للكاتب عبدالله بن بخيت في منبر الحوار وجماعة السرد في نادي الرياض الأدبي. وعلى رغم أن الحدث الثقافي الأبرز على خريطة الثقافة السعودية كل عام هو معرض الرياض الدولي للكتاب، فإن الشهر الماضي جاء حافلاً بثلاثة أحداث لافتة، ختمت المشهد في انتظار روح جديدة وهي: مؤتمر الأدباء السعوديين. والثاني تمثل في حوارات مركز الحوار الوطني حول الخطاب الثقافي. والثالث مغادرة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبد العزيز السبيل منصبه، وهو الرجل الذي قاد خلال سنوات خمس مرحلة جديدة ميزها حراك ثقافي لم تشهده الساحة منذ عقود، أهمها تغييرات عصفت بالأندية الأدبية وتنظيم جمعيات ثقافية نوعية للفن التشكيلي والمسرح وغيرها. لكن بداية العام جاءت حزينة من الجانب الإنساني، بدخول الشاعر محمد الثبيتي (شفاه الله) في غيبوبة. مهرجانات دورية وجوائز وموسوعات عن الأدب السعودي وكما هي العادة في كل عام اشتكى عدد من المثقفين من تزامن إقامة مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة مع معرض الرياض الدولي للكتاب. فيما جاء مهرجان سوق عكاظ التاريخي بتعاون أندية مكةالمكرمةوجدة والطائف وأقامت فيه عدداً من ندوات فكرية وثقافية قبل أن يختتم أيامه العشرة بأمسية شعرية عربية وعرض مسرحي لافت عن امرئ القيس. من جهة الجوائز الكبرى شهدت نهاية العام توصية إعادة جائزة الدولة التقديرية للأدب، فيما تواصلت جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، وفي ما يخص الترجمة لفت قرار وزارة التعليم العالي ترجمة عشر روايات سعودية في أكثر من عشرين ملحقية ثقافية سعودية اهتمام وتشكيك البعض في جدوى ذلك العمل. وشكل فوز الباحث والمحقق الدكتور عبدالعزيز المانع بجائزة الملك فيصل للأدب واللغة العربية حدثاً مهماً. وعلى صعيد الموسوعات والأعمال الأنطولوجية أطلقت دارة الملك عبدالعزيز مشروعها عن قاموس الأدب السعودي، وبدأت لجنة المشروع بجولات للتعريف به في عدد من الأندية الأدبية، فيما استثمرت لجنة مؤتمر الأدباء الثالث جهود الباحث خالد اليوسف بطباعة أنطولوجيا القصة السعودية بعد تخلي نادي مكة عن طباعته.