ينظر إلى «ألزهايمر» بوصفه من أكثر أمراض الشيخوخة انتشاراً وإثارة للقلق، إذ يدمر خلايا المُخ ويقضي على ذاكرة الإنسان. ولا يُعرف حتى الآن سبب محدّد للإصابة به. وتتضاعف أعداد مرضاه كل خمس سنوات، بين من تعدّوا الخامسة والستين، كما يصيب نصف من تعدّوا الخامسة والثمانين من العمر. وغالباً ما تتطوّر أعراضه بسرعة. ويفقد المصاب به القدرة على التعرّف الى الأشخاص أو الأماكن أو الاهتمام بنفسه. ويزداد انتشار هذا المرض بصورة متسارعة. ففي أميركا، تُقدر أعداد المصابين بأربعة ملايين شخص، مع توقّع أن يصل العدد إلى 14 مليون مريض، بحلول منتصف هذا القرن. وعقدت «جمعية ألزهايمر- مصر» مؤتمراً في القاهرة أخيراً، لمناسبة اليوم العالمي لهذا المرض، تحت شعار «العيش سويّاً». وأوضح رئيس الجمعية الدكتور عبد المنعم عاشور، أن الهدف الأساسي للمؤتمر يتمثّل في ضرورة زيادة وعي المجتمع بالمرض. ودعا الجهات المسؤولة مثل وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، الى رسم خطط لرعاية مرضى «ألزهايمر» الذين ستتضاعف أعدادهم خلال السنوات العشر المقبلة. وكذلك حثّ على تقديم الدعم للقائمين على رعاية المرضى. وخصّص المؤتمر جلسات لتعليم أُسر المرضى طُرُق التكيّف مع المريض، كأن يُجهّز المنزل بطريقة تكون آمنة ومناسبة لظروف المرض. وأكّد عاشور أنه يجب على الناس الاهتمام بصحتهم والتنبّه الى أهمية ممارسة نشاطات رياضية بصورة منتظمة. وحثّ من يعانون السُكّري وارتفاع ضغط الدم على السيطرة على مرضهم، لأنهم معرّضون للإصابة ب «ألزهايمر» أكثر من غيرهم.
تآكل الذاكرة ثم فقدان الجسد في السياق عينه، أوضح أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس الدكتور طارق أحمد عكاشة، أن مرض «ألزهايمر» هو أحد أنواع الخرف، وعادة ما يصيب الإنسان بعد سن ال 60 عاماً. وذكر أن المرض اكتُشِفَ في العام 1906. وبدأت البحوث عليه في ستينات القرن الماضي، ثم بدأت فكرة جمعيات ال»ألزهايمر» بالانتشار في سبعينات القرن نفسه. وأشار عكاشة إلى أنه لم ينجز سوى بحث وحيد عن المرض في مصر، على رغم وجود 350 ألف مريض فيها، وتوقّع ارتفاع العدد إلى مليون مريض بحلول عام 2020. وأكّد عكاشة أن أحد أسباب حدوث «ألزهايمر» هو ترسّب مادة بروتينية تسمى «أمايلويد» Amyloid في خلايا المخ، ما يؤدي إلى هلاكها تدريجياً. ويترافق هذا مع نقص في مادة «أسيتايل كولين» التي تساعد في عملية التذكّر. وبيّن أن هناك بحوثاً في علاجات تساعد في منع تراكم ال «أمايلويد». وأوضح أن المرض يمر بثلاث مراحل، في أوّلها يحدث اضطراب في الذاكرة المتّصلة بالحوادث القريبة، وتدني القدرة على ممارسة نشاطات كثيرة، إضافة إلى وجود نشاط زائد وغير هادف ربما يتّصل بعدم القدرة على التعرّف الى الزمان والمكان. في المرحلة الثانية، تبدأ أعراض إصابة الجهاز العصبي بالظهور على شاكلة صعوبة في الكلام والكتابة والحركة، إضافة إلى ظهور أعراض اكتئابية وذُهانية، وتغيّر في السلوك. بينما تزيد هذه الأعراض في المرحلة الثالثة. ويفقد المريض القدرة على رعاية نفسه ويحتاج إلى من يرعاه كليّاً حتى لحظاته الأخيرة، وفق عُكاشة. وأشار أيضاً إلى وجود 35 مليون مريض ب «ألزهايمر» عالمياً، يتوقع أن يصل عددهم إلى 120 مليوناً بحلول العام 2050، ما يجعل كلفة المرض ترتفع إلى 40 تريليون دولار.
في غياب العلاج وأوضحت أستاذة التمريض النفسي في جامعة عين شمس الدكتورة غادة مراد، أنه لا يوجد علاج ل «ألزهايمر» حتى الآن، بل تتوافر أدوية تساعد على إبطاء مساره. وقالت: «من المُفرِح أنه اكتُشفت بعض المواد التي تمنع تكوين ال»أمايلويد». ودخلت هذه المواد مرحلة التجارب على الفئران، ما يعني إمكان أن تستعمل في علاج البشر في العقد المقبل». وأشار أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس الدكتور طارق أسعد، إلى أن مرض «ألزهايمر» يرتبط غالباً باضطرابات في النوم، بأثر من اضطراب الساعة البيولوجية التي تنظّم النوم واليقظة. وأضاف أن النوم يمر بخمس مراحل. وقال: «يسيطر النوم الخفيف على المرحلتين الأوليين، ويطغى النوم العميق على الثالثة والرابعة، وتُكرّس الخامسة للأحلام. في النوم العميق، تعمل وظائف فيزيولوجية تساعد على أداء الوظائف التي يؤديها الإنسان وقت اليقظة. وتؤكد البحوث أن الطاقة التي يبذلها مخ الإنسان أثناء النوم أكثر 20 مرة من الطاقة المبذولة أثناء اليقظة». وشدّد على أن المُصاب ب «ألزهايمر» لا يمر غالباً بمرحلة النوم العميق، وبالتالي تضطرب ساعته البيولوجية، ما يؤثر على مجمل أدائه. وأوضح أن بعض العلماء يشتغلون حالياً على علاج اضطرابات النوم بوصفه جزءاً من علاج «ألزهايمر».