أقرت وزارة التعليم مشكورة مؤخراً مادتي " مهارات التفكير الناقد والفلسفة" " ومبادئ القانون في حياتنا" وهي لاشك مواد مهمة وضرورية تكسب الطلاب مهارات التفكير بمختلف فروعه الناقد ، والإبداعي ،والابتكاري ، والتأملي وتمكنهم من التحليل المنطقي لتوسيع مداركهم العقلية في جوانب متعددة من حياتهم العلمية والعملية، وكذلك مادة مبادئ القانون ومايتعلق به من أنظمة وتشريعات وجميعها متطلبات لبرنامح التحول الوطني 2020 ولتحقيق رؤية المملكة 2030 . ومن المعلوم بأن التفكير الناقد يأتي في قمة هرم " بلوم" وهو أرقى أنواع التفكير وهو من وجهة نظر " "بلوم : القدرة على إصدار حكم وفق معايير محددة . كما يعد التفكير الناقد عنصراً مُهمّاً في التربية العامة وخاصّةً في تدريس العلوم لأن الطلاب يكونون أقدر على التفاعل بشكلٍ عقلانيّ مع المشكلات ، وتكون لديهم المقدرة على الخوض في مُجادلات منطقيّة !
وكذلك مادة " مبادئ القانون في حياتنا" ؛ لكي يتعرف الطلاب على الأنظمة والتشريعات والقوانين المحلية والدولية وهي متطلبات ضرورية يجب أن يكتسبها طلابنا ! وهذا ديدن الوزارة في تطوير المناهج تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 وتشكر على ذلك. ولعل الجميع هنا يتساءل منْ سيدرس هذه المقررات ؟ وكيف يتم تأهيلهم ؟ حسب علمي بأن الوزارة عقدت برنامجاً تدريبيا لمدة " ثلاثة أيام " لمعلمي مادة المهارات الحياتية بالمدارس الثانوية ، وإن كنت أرى بأن معلمي العلوم والرياضيات هم الأولى مع احترامي للزملاء المختارين من قبل الوزارة ؛ والسبب أن مقررات العلوم والرياضيات المطورة مدمج بها مهارات التفكير بكافة أنواعه الناقد ، والإبداعي والابتكاري ... إلخ بشكل ٍ أوسع مما يسهل معه تأهيلهم . ولعلي أتساءل هنا أيضاً هل " ثلاثة أيام " كافية لتأهيل المعلمين وتمكينهم لهذه المهارات كي يكسبوها الطلاب ؟! إذا ماعلمنا بأنه لم يسبق لهم دراسة مهارات التفكير والفلسفة والقانون من قبل !! والأصل أن يسند تدريسها لمن يمتلك تلك المهارات ، وفي ظني أن مدارسنا تفتقر لهم ! وفاقد الشيء لايعطيه ! ولاشك أن القصور ليس في أشخاصهم وإنما في تأهيلهم ! وحتى لاتفقد هذه المقررات أهميتها والأهداف التي وضعت من أجلها وتٌدّرس بطريقة التلقين والحفظ التقليدي - فلابد من الإعداد والتأهيل الجيد لمن يٌدرّسها . ولعلي هنا أطرح بعض المقترحات للإجابة على التساؤلات السابقة - من وجهة نظري المتواضعة - لعلها تجد صدى لمن يهمه الأمر ، وهي على النحو التالي :
أولاً : إلحاق المعلمين الذين سيقومون على تدريسها ببرنامج تدريبي لايقل عن فصل دراسي في الجامعات أو مراكز التنمية البشرية بحكم الاختصاص ، وبما لديهم من كفاءات تستطيع أن تحقق أهداف الوزارة من هذه المقررات ، ولعل الجامعات ومراكز التنمية البشرية المرخصة تبادر لتبني إقامة هذا البرنامج إيماناً من المسؤولية الوطنية ، على أن يمنح المعلم بعد نهاية البرنامج على دبلوم يحسب له وظيفياً ، ولعل الوزارة تخصص هذا البرنامج للخرجين من المعلمين والمعلمات الذين لم يحظوا بالتعيين ؛ تقديراً وتعويضاً لسنوات البطالة التي مرت بهم ، حتى لو دفعوا رسوم البرنامج للجهات المانحة للدبلوم ، وإذا تعسر على الوزارة تعيين الخريجين وتكليفهم بتدريس هذه المقررات فيتم تنفيذ البرنامج للمعلمين الذين على رأس العمل ، ويكون التدريب في الفترة المسائية ؛ كي لايتعطل الجدول المدرسي .
ثانياً : إلزام الجهات التي ستتولى تنفيذ البرنامج ، سواءً الجامعات أو مراكز التنمية البشرية بتقديمه وفقا للمقررات التي أعدتها الوزارة ، مع التعديل مستقبلاً بالتنسيق مع الوزارة على أن تقدم سلسلة حلقات مرئية إثرائية للبرنامج يتم عرضه عبر قنوات عين التعليمية ؛ لكي يستفيد منها المعلمون ، والطلاب ، وأسرهم .
ثالثاً : على مراكز التدريب بإدارات التعليم إدراج برامج التفكير الناقد والفلسفه والقانون في برامجها وكذلك ضمن برامج التدريب الصيفي لجميع المعلمين ، وقادة المدارس ، والمشرفين التربويين بمختلف تخصصاتهم ،وأن تقدم تلك البرامج من قبل متخصصين لتحقيق أهداف تلك المقررات . هذا ما تيسر ذكره ، وأعتقدٌ جازماً أن فصلاً دراسياً وتدريباً صيفياً يحقق ماتسعى إليه الوزارة إن رغبت .
كتبه / نواف بن سفر العتيبي مشرف تربوي بتعليم الطائف