أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعيا فضيلته المسلمين الحذر من الحيلة وما يتبعها من مخاطر تعود على الفرد بالخسارة سواء بالدنيا أو الآخرة. وقال في خطبه الجمعة من المسجد الحرام انه في عصر زاخر بالصراعات المادية والاجتماعية والظواهر السلوكية و الأخلاقية ظهرت قضيه بلغت من الخطورة أقصاها وكان من أسبابها الجشع والطمع ومخادعه العزيز العليم وهي التحايل على شرع الله والخداع في أحكام الله والعدول بها إلى غير حقائقها ووضعها في غيرها سياقها الشرعي موضحا فضيلته أن هذه القضية هي نظير كل فساد ولؤم كل مضره ولجرم الحيل وناكرتها ابتلى سبحانه وتعالى أصحاب البستان المخادعين الغادين لإسقاط حق المساكين فحرق جنانهم وروع جنانهم عبره لكل محتال وتربيه على الطاعة والامتثال. وبين فضيلته حكم الاحتيال فقال لقد حرمت الحيلة لأنها محاده لأحكام الله وهي تبعث على البغضاء والشحناء وتعبث بالحقوق والإعراض والدماء والحيلة تبتسم بالإثره الفردية والرعونة النفسية والمصلحة المادية التي أعمت الأبصار فغشاها من الحرام ما غشى واستولى بها التدليس على البصائر وتفشي ولو أنهم رضوا بما حل وقل ولكان خيرا مما حرم وجل. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام بان بعض الأفراد يتتبعون الحيل لتحليل ما حرم الله متذرعين بالألفاظ ولم يعلموا بان الأمور بحقائقها ومعانيها وليس بصورها ومبانيها يقول العلامة ابن تيميه رحمه الله ( الحيل المحرمة مخادعه لله ومخادعه الله حرام فتحيق بمن خاف الله ونكال أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال ). وأوضح الشيخ السديس بعض أنواع الحيل فقال هي لا تخرج عن المغالطات واعتبار الظواهر دونها قصده الشرع من الحكم والجواهر ومن أمثله الاحتيال في زيادة ثمن السلعة مما لا يريد شرائها وإنما كيدا للمشتري وتغريرا وذلك نجش محرم ومن أمثله الاحتيال أيضا للقرض المؤجل كان يبيع التاجر بضاعة لمقترض بثمن إلى اجل ثم يشتريه منه نقدا بسعر اقل وهي مسألة العينة المعروفة . ووجه هذه الظاهرة هي البيع ولكن الحقيقة هي الربي وغير ذلك من صور التحايل على الربي والمعاملات المحرمة في البيوع والقروض والصرف والاستثمار وصيغ الغرر بالعقود والمشروعات والمناقصات وسوء استغلال الوظيفة والرشوة والتزوير بالإضافة إلى إسقاط الحدود والغريرات وتهريب وترويج المخدرات والاختلاس والابتزاز والتعدي على الأموال والممتلكات العامة . وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام أن من أبواب التحايل أيضا التحايل على الهروب من دفع الزكاة وذلك ببيع النصاب أو هبته أو استبداله قبل الحول والرجوع فيه وقد حذرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم من ذلك في قوله ( لا يجمع بين متفرقين ولا يفرق بين مجتمع خشيه الصدقة ) وأيضا من الحيل في إسقاط ما وجب بالحال كالنفقة على المطلقة أو أداء الدين فيخادع المرء ربه وما يخادع المغرور إلا نفسه فيملك ماله زوجته أو ولده فيسقط ما عليه بزعمه الإعسار . وأضاف فضيلته أن من صور الاحتيال المحرم التحايل في استرجاع شيء من المهر لمن عزم الطلاق وذلك مضاره للزوجة فتجعل المسكينة مالها لخلعه . وفي هذا قال الله تعالى ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدى حدود الله أولئك هم الظالمون ) وأيضا من الحيل ألحذقه بالرجوع بعد الطلاق وذلك ليس للمودة والوفاق وإنما للاعتداء والإضرار وفي فضح هذه الفضيحة يقول العزيز الجبار ( ولا تمسكوهن ضرار لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا ) وأن مما يندرج في الاحتيال المحرم مضاره للورثة في انصبائهم وسهامهم حجبا وحرمانا وهذه تجعل بين الإخوة فجوه من التنكر والاختلاف ويكون مثلها في الاحتيال على الأوقاف والوصايا وأحوال النساء والأرامل والقصر واليتامى. وحذر إمام وخطيب المسجد الحرام من حيل الزيجات التي لها أسماء ومسميات جلها يندرج تحت إشباع الغرائز والنزوات بعد أن أسقطت المودة والواجبات وغيبت الرحمة والالتزامات مظاهرها أمر صحيح ولكن في حواها تدليس صحيح وأيضا من الحيل المحرمة تميع قضايا الدين باسم المصلحة واليسر والتلفيق والمرونة والتطور الحضاري ، مشيرا أن هذه المصطلحات لها مضامينها ولأكنها لا ترسل دون قيد أو رابط وقرينه وضابط كما انه من الاحتيال المحرم المحتالون بالمنصب والرشوة على الضمائر والذمم والمبادئ والقيم تحقيق لمأربهم وضخ لرصيد مكاسبهم دون النظر لمصالح الأمة.