عندما يكون الحديث عن قضايا التحرّش والمعاكسات فإن الخطاب يكون (ذكورياً) بحتاً، فالمجتمع اعتاد أن يسمع حديث ورأي الذكر حتى في أدق خصوصيات الأُنثى، لهذا فمن الطبيعي جداً أن ينتصر (الذكر للذكر) عندما يكون الطرف الآخر امرأة، فيأتي الحكم من مبدأ (لايسألون أخاهم حين يندبهم.. في النائباتِ على ما قال برهانا)، فالأهم أن لا يحيد الرجل عن قواعد (المرجلة)، والمرجلة هذه في الذاكرة الجمعية تختلف عن (الرجولة)، فالأولى أقرب لكلمة (الذكور) كجنس، ولها تمظهراتها الخاصة كأن تكون (قوياً) لا تُهزم ولا تضعف ولا تتزعزع، فالضعف شأن أُنثوي بحت، وأن تكون كريماً وهّاباً، ولا يعيبك أن تسرق أو تنهب ما زلت لم تخترق نواميس الأعراف، وهي -المرجلة- لا ترتبط دائماً بالرجولة التي تتطلب النُبل والفروسية والشهامة وشرف الخصومة، والأخيرة بالذات طاعنة في المرجلة، لأنها تعني أن تعترف بهزيمتك وخطئك، وهذه تنافي (المرجلة)! في موقع التواصل الاجتماعي الشهير (تويتر) ما يندى له الجبين من لغة تبرر تحرش الذكور بالإناث، أستشهد في تويتر هُنا لأن متابعيه في السعودية يأتون في مقدمة الدول على مستوى العالم، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى لأن الآراء الصادمة لم تأتِ من أسماء مجهولة أو بمعرفات وهمية، بل من أُناس يتكلمون بلغة (رجال دين) مع تحفظي على هذه الكلمة، لكن شيوعها ربما يبدو مبرراً لاستخدامها الظاهر، فالكلام المُحزن صدر من شخصيات تتنوع بين داعية، وخطيب جامع، وأكاديمي، وهؤلاء يتابعهم ما بين عشرات الآلاف والملايين، سأنقل بعض التغريدات، وأتركها بدون تعليق.. الشيخ الدكتور محمد العريفي: (السجن 35 يوماً للشاب المعاكس بالسوق! أقول: لا يوجد مواقع أُخرى ليقضوا أوقاتهم ففتحت الأسواق العائلية يدخلونها مجموعات مترافقة ثم يُعاقب المغازل!) الشيخ حمود بن علي العمري: (الذين يطالبون بقانون عقوبة التحرش يعلمون أن الهيئة هي العلاج الناجع، لكنهم يريدون قانوناً يحمي المتسكعة فقط) ويقول في تغريدة أخرى مُكملة: (الغريب ممن يعامل الشباب كأنهم أئمة مساجد، بل يجب حمايتهم من شلل المُتسكعات اللاتي وليهن الشيطان). عبدالله البهلال: (لو كنت قاضياً ورفع إليّ أمر شاب يجرأ على امرأة وتحقق أنها كانت سافرة لعاقبتها عقوبتين بأنها اعتدت على عفة شاب والثانية بأنها كشفت اللحم للهر). أبو زيد السعيدي -مُعلّقاً على قيادة المرأة للسيارة: (الشباب فيهم خير وخاصة الدرباوية وهم لا يرضون بذلك ولهذا سيقومون بثورة مضادة لرعاع بني علمان وبنات علمان وسوف يقومون باللازم).