تذمر الفتى مرزوق وشعر بالحسرة من جواب وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب عندما سُئل عن الأراضي البيضاء التي تمثل نصف مساحة المدن في المملكة، بأن هيئة كبار العلماء أفتت بعدم جواز فرض الضريبة على تلك الأراضي، بالرغم من تأييد مجلس الشورى بفرض الضريبة. مرزوق شاب ويبلغ من العمر 32 عاماً ويعمل في وظيفة حكومية جيدة يستلم منها آخر الشهر راتبا قيمته سبعة آلاف ريال.. لديه زوجة طيبة وطفلان ويسكن في شقة صغيرة منذ زواجه الذي لا يزال يقوم بدفع أقساطه؛ هذا بخلاف أقساط الشقة السنوية والسيارة الشهرية التي اشتراها وأقساط الأثاث الجديد وأقساط القروض الأخرى.. ليس لديه أي مدخرات ويحلم بسكن دائم يضمن له الاستقرار والأمان. بعد سماع الخبر المزعج بمنع الرسوم، قرر مرزوق أن يذهب للبر – وهو المتنفس الوحيد لديه – وقام بتجهيز عدة الشاي والقهوة (المعاميل) فقالت له زوجته: بعيد البر عليك يا حبيبي؟ فقال لها وهو يضع الإبريق في (العزبة): لا تخافي البر قريب وفي وسط البلد ببساطة عند أقرب شبك راح أقف! قاد سيارته مع الصباح متجهاً (للشبك) وهو يحمل في جوفه العديد من الأسئلة والأحلام التي تحطمت بسبب ضياع فرصة حصوله على قطعة أرض.. أثناء القيادة كان مرزوق يستمع لأغنية الفنان المرحوم فهد بن سعيد مردداً: اللي (شبكنا) معك يا حلو يخلصنا .. يكفيني اللي حصل ما أستحمل زيادة. فكر مرزوق في الوسيلة المثلى للحصول على قطعة أرض صغيرة وقال في نفسه: الأسعار ملتهبة والأماكن بعيدة والقروض تداهمني وملتزمات أسرتي ترهقني ولا وجود للدعم الحكومي فكيف أحصل على الأرض؟ توقف بسيارته بجانب (الشبك) الذي لا يبتعد عن المدينة سواء بضعة كيلومترات ثم وضع معاميله وقام بإشعال النار وبعدها وضع الإبريق حتى يسخن.. قام ولمس بيده على (الشبك) الذي كان قد صدئ من طول الوقت ونظر للمساحة الكبيرة (المشبوكة) التي لا تعرف لها آخر ثم زفر زفرة خرجت من أعماق جوفه..وبينما هو مُنهمك في تأمل (الشبك) والأرض سمع صوت الإبريق وهو يغلي وما أن فتح الغطاء ليضع السكر حتى خرج له مارد ضخم لديه شوارب عريضة قائلاً له: شبيك لبيك اللي تتمناه بين أيديك؟ فرح مرزوق وقال له: أنت المارد الذي تخرج في الأفلام، لكن ليه شكلك مختلف عن الآخرين ؟ قال له: نعم أنا المارد السعودي ويلقبوني (المطنوخ) واطلب أي شيء يخطر على بالك.. فرك مرزوق يديه وابتسم وشكر الله على هذه النعمة ثم قال: «اسمع يالمطنوخ دام الميزانية وصلت التريليون فأنا أبغى زيادة في الراتب؛ لأن المصاريف والأسعار تزود والراتب ما يتغير».. نظر له المطنوخ ثم أخرج آلة حاسبة وقام بعدة عمليات وحك رأسه ليقول: «شوف صحيح أني مطنوخ لكن الزيادة تحتاج إلى (عسف) طويل وليس بالسهولة الحصول عليها؛ لذا شف لك طلب ثاني».. قال له مرزوق: «طيب أبيك تفتح وتعلن عن الوظائف حتى يتعين كل العاطلين في البلد وأولهم زوجتي».. أخرج السبحة المارد المطنوخ وقال: «تبي الصراحة الوظائف الآن (برك) عليها المسؤول وأنتظره متى يقوم حتى أساعدكم؛ لذا شف لك طلب غيره». نظر مرزوق للأرض الكبيرة وقال للمطنوخ: «أمحق من مارد خلاص عندي طلب بسيط هو أنك تسمح ببيع الأراضي البيضاء الكبيرة داخل المدن وتزيل (الشبوك) التي غزت مساحات المدن»..أخرج المطنوخ الجوال وقام بعدة اتصالات ثم سار بضع خطوات ملقياً أكتافه لمرزوق حيث كان يهمس بصوت خافت غير مسموع بعدها أغلق المكالمة وأمسك بشاربه الكثيف ثم قال: «آسف إلا (الشبك) ما أقدر عليه»! وقبل أن يعود المطنوخ للإبريق قال لمرزوق: «أقول معك سلف يا الحبيب»؟! كم من مرزوق يعيش في هذا البلد! وكم من مرزوق يحلم بالأمان والاستقرار من غموض المستقبل! وكم من (شبك) حرم الكثير من تحقيق «هرم ماسلو» للاحتياجات الإنسانية لا (المهايطية)! مرزوق وغيره الكثيرون يحلمون بقطعة أرض صغيرة يبنون عليها أكواخاً لا قصوراً! هذا حال مرزوق الموظف فما هو حال أكثر من ثلاثة ملايين سعودي تحت خط الفقر! يأمل مرزوق ورفاقه باليوم الذي يأتي وكابوس الأقساط والسكن وشُح الأراضي قد زال من أحلامهم اليومية.. ملوا من ترديد الحكايات والشائعات في المجالس؛ فهل يأتي اليوم الذي يبتسم فيه مرزوق وأتباعه؟ دعواتكم.