يدور جدل كثير بين السياسيين والباحثين في الخليج والولاياتالمتحدة حول ما قد يترتب على دول الخليج خاصة السعودية في حال حصل أي تحسن أو تطور إيجابي في علاقات أمريكا مع إيران، نظرا لما لهذا التحول من أثر بالغ الأهمية على مستوى المنطقة ككل. منذ قيام الثورة الاسلامية في إيران عام 1979م، ارتبطت العلاقات الخليجية الإيرانية بمواقف السياسة الأمريكية تجاه إيران في معظم الفترات، فإيران تعاطت مع دول الخليج كحلفاء لأمريكا ومنفذين لسياستها التي اعتبروها عدوانية، ودول الخليج تعاملت مع إيران كمصدر تهديد أمني ومنافس يبحث عن نفوذ سياسي في المنطقة. طوال الثلاثة عقود الماضية تمكن الإيرانيون من مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية وحتى المواجهة العسكرية، كما حققوا اختراقات كبيرة لتوسيع دورهم ونفوذهم في منطقة الشرق الأوسط، في ظل تراجع سياسي ملحوظ لدور دول الخليج بشكل عام في المنطقة وعدم تمكنهم من الاستثمار الأفضل لإمكانياتهم. كما أنه من الواضح أن غياب سياسة خليجية مستقلة ونابعة من المصالح الإقليمية تجاه إيران قد أفضى إلى وجود فراغ تمكنت الولاياتالمتحدة من ملئه بناء على سياستها ومصالحها الوطنية، وليس بما يخدم أمن واستقرار منطقة الخليج. فعندما تتوتر العلاقات الأمريكية مع إيران يسود الخوف دول الخليج لأنها ستكون المتضرر الأكبر من أي صراع بينهما بل وتتحمل تكلفته، والحال ذاته يكون عندما تتقارب هاتان الدولتان حيث يسود قلق من أن ذلك يكون على حساب دول الخليج. التطورات الأخيرة في موضوع العلاقات الأمريكيةالإيرانية جاءت نتيجة لتغير موازين القوى في المنطقة ولقناعة الطرفين بأن سياسة القطيعة والحروب الباردة والساخنة بينهما لن تحقق الأغراض المرجوة، أو أنها استنفذت جميع أغراضها، وأن الحوار المؤدي إلى بعض التفاهم والاتفاقات سيخدم مصالحهما بصورة أفضل. لم تكن هناك أي مكاسب حقيقية لإيران أو دول الخليج طوال العقود الماضية، بل إن استمرار الصراع بينهما أدى إلى كثير من الخسائر والأضرار على الصعيد الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي. كما غابت لغة الحوار والتفاهم والعلاقات الإيجابية إلا في فترات قصيرة وضمن ظروف خاصة. من حق دول الخليج بل من مصلحتها أن تبلور لها سياسة خاصة تجاه إيران بعيدا عن تأثير أو موقف السياسة الخارجية الأمريكية التي قد لا تلتقي مصالحها دائما مع دول الخليج. لا نشك أن هناك عديدا من القضايا العالقة بين الطرفين بحاجة إلى حوار صريح و واضح حولها، من بينها اتهامات التدخل في الشؤون الداخلية وتأثير مشروع التخصيب النووي وتوسع النفوذ في المنطقة العربية والمشكلة المذهبية. في المقابل يطرح الطرف الإيراني مشروعية دور لهم في المنطقة خاصة في القضية الفلسطينية وموضوع أمن الخليج كقضية إقليمية. على الرغم من أن هذه القضايا تبدو كبيرة، إلا أن ما مر من فترات تقارب بين الطرفين، ومسيرة بعض الدول الخليجية في إقامة علاقات متوازنة مع إيران يمكن أن يكون أنموذجا قابلا للتطبيق في المرحلة المقبلة.