يخصص الكاتب والناقد خالد ربيع السيد، الجزء الجديد من مشروعه النقدي السينمائي «الفانوس السحري»، لتقديم «قراءات في أفلام خليجية»، تشكل استمراراً لمشروعه الثقافي والنقدي السينمائي، حول السينما العالمية، الذي بدأه في العام 2008م، حين أصدر الجزء الأول من مشروعه تحت عنوان «الفانوس السحري.. قراءات في السينما»، لكنه يعود هذه المرة أكثر قرباً من المحيط الخليجي عبر الجزء الثاني «الفانوس السحري.. قراءات في أفلام خليجية». خالد ربيع يقول ربيع في هذا السياق: «لم أكن مهتماً بالأفلام الخليجية على الإطلاق، خصوصاً أنه لم يكن هناك إنتاج من الممكن مشاهدته عبر التليفزيون أو الفيديو في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وحتى في عقد الألفية الأول، لاسيما مع عدم وجود صالات للعرض السينمائي، في مدينة جدة التي أعيش فيها، يمكن أن توفر الأفلام وتتيحها للمشاهدة، علاوة على أنه في الأصل لم تنتج أفلاما خليجية كثيرة حتى يتسرب بعضها ويتسنى لي مشاهدتها، وكل ما هنالك أنني كنت أحياناً أقرأ عن فيلم لخالد الصديقي أو عبدالله المحيسن، أو محمد شكري جميل، وبالطبع دون أن أشاهد هذه الأفلام، وحقيقة لم يكن يعنيني الأمر، لأنه إلى جانب استحالة مشاهدتها، كانت غير مهمة وغير ممتعة بحسب اعتقادي آنذاك، فالتليفزيون كان يشبعنا بالمسلسلات الكويتية والقطرية والعراقية، ولم يكن يعني أحداً أن تكون هناك أفلام في الخليج من صنع أبناء الخليج، ومع ذلك كانت السينما الأمريكية مسيطرة للدرجة التي أثرت على تفكيري واهتماماتي، بل على اهتمام شعوب بأكملها، وهو ما تخلصت منه إلى حد كبير منذ عدة سنوات». غير أن الاهتمام الحقيقي الذي تشكَّل لدى ربيع عن الأفلام الخليجية، بدأ بعدما شاهد عام 2006م مجموعة من التجارب في مهرجان الخليج السينمائي في دبي، فعزَّز ذلك لديه الالتفات إليها، وإن كان مازال ينظر إليها بغير عين الاعتبار، «في عام 2006م، شاهدت لأول مرة فيلماً خليجياً نال إعجابي الشديد، وجعلني أغيِّر نظرتي، بل ودفعني إلى التفاؤل بأن السنوات القادمة ستحمل ما يمكن مشاهدته والاهتمام به، وهو فيلم «الدائرة» للمخرج الإماراتي الشاب نواف الجناحي، وكذلك فيلم للمخرج البحريني محمد راشد بوعلي بعنوان «البشارة»، وفي العام الذي أعقبه شاهدت فيلم «عايش» للمخرج السعودي عبدالله آل عياف، و»كناري» لمحمد راشد بوعلي، وعدة أفلام قصيرة أخرى جيدة من العراق والبحرين والإمارات». والآن يعتقد ربيع في قرارة نفسه أن الإنتاج الخليجي، يسير من حسن إلى أحسن، ويجزم بأن «هذا التحسُن ما كان له أن يتم إلا بفضل الله، ثم بفضل الإداري السينمائي مسعود أمرالله، الأب الروحي للسينما في الإمارات، والمحرك القوي للنهوض بالحراك السينمائي في دول الخليج، وخلفه طبعاً الهيئات الحكومية الإماراتية والشركات الداعمة». ويعطي ربيع أهمية كبيرة للسينما من جهتين على الأقل: «الأولى التأريخ المصور لحياة الشعوب والمجتمعات المختلفة في واقعها الحقيقي ومتخيلها الإبداعي. وثانيها: التأثير الثقافي الجمعي الذي تحدثه الأفلام السينمائية». ويُعد أن هذه الحقيقة أخذت وقتاً طويلاً حتى تستوعبها شعوب الخليج، أو حكوماتهم على الأرجح، «وإن كانت هناك عوامل عديدة حالت بين استيعابها والتمكن منها وبين العمل على تحقيقها كمنتج صناعي ثقافي من ضمن منتجاتها القومية الأساسية، في حين نجد أن شعوباً أخرى قريبة منا استوعبت تلك الأهمية وأحالت فن السينما إلى كيان لا يمكن الاستغناء عنه، مثل الهند على سبيل المثال، ناهيك عن الدول الأوروبية والأمريكية بالطبع». ويحاول ربيع الولوج إلى قراءاته في الأفلام الخليجية من مدخل يمنحه عنواناً لافتاً «السينما.. اتصال وتنمية وتثقيف»، ويقول في البدء: «تتأكد يوماً بعد يوم حقيقة تزايد الاهتمام بالأفلام السينمائية بحكم انتشارها العالمي الذي تخطت فيه حدود اللغة بوساطة الترجمة والدبلجة، وباتت من أدوات التثاقف والنقل المعرفي الفعالة، وغدا الفيلم وسيلة من وسائل التعبير الإنسانية الفنية عن مختلف النشاطات الواقعية أو التخيلية الإبداعية». ليذهب بعد ذلك إلى ما هو أكبر، حين يقول: «الحقائق والأحداث التي تصورها الأفلام السينمائية لها إسهام مهم في النهوض بفكرالمجتمع وإبراز مكتسباته الحضارية، كما تعري معوقات نموه وتساعد في حلحلة أزماته الطارئة»، ليؤكد أن «السينما تساعد على إرساء خطط التنمية الاجتماعية التي ترمي إلى تغيير بُنى المجتمع أو تقويضها إذا لم تكن مسايرة لمتطلبات العصر، وتحرك قدرات المجتمع نحو التخلص من مشكلاته… وفي سياق عام، السينما المتجذرة في ثقافة المجتمع لا تتماطل عن دورها في أن تكون خارج دائرة الصراعات السطحية، وتعمل على تذويب المشكلات التنموية». ويخصص ربيع الباب الأول من الكتاب لقراءاته في أفلام خليجية مختلفة، بينما يتناول الباب الثاني أفلام عبدالله المحيسن، وفي الباب الثالث يقدم مختارات من حوارات أجريت معه، وتقارير صحفية نشرها في عديد من الصحف والمجلات المتخصصة.