في 22 مارس الماضي، كتب أليكس ريتمان في صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية تقريراً صحافياً بعنوان: «الهروب إلى السينما: كيف أصبح حظر السينما في السعودية يفيد السياحة في الإمارات»، وذكر فيه أن حوالي ربع مليون سائح سعودي زاروا دولة الإمارات في صيف 2010 من أجل مشاهدة الأفلام السينمائية، وجاء من ضمن التقرير تصريحات للمخرج السعودي عبدالله آل عياف بأن «90% من زوار السينما في دولة البحرين هم سعوديون». لا شك أنها أرقام فلكية ولا نستطيع أن نؤكد دقتها لعدم وجود دراسات دقيقة تبرهن ذلك ، ولكنها ليست مستبعدة لأن المشاهدة العينية عند السفر في المواسم إلى أماكن مثل دبي والمنامة والقاهرة وبيروت وغيرها تدل على إقبال السائح السعودي على زيارة دور السينما، بالإضافة إلى ما نسمعه من الأقرباء والأصدقاء عند سفرهم للسياحة واهتمامهم بمشاهدة الأفلام السينمائية ضمن أولويات السفر. ولذلك يتساءل الكثيرون باستمرار عن أسباب منع السينما هنا في المملكة، وعن مدى إمكانية السماح بها مع الوقت، خاصة مع التطورات الراهنة وانفتاح وسائل الإعلام عبر الإنترنت والقنوات الفضائية. وحسب ما قرأت في عدد من المراجع مثل كتاب:»اضواء على السينما فى دول مجلس التعاون الخليجي» للمؤرخ السينيمائي عماد النويري وكتاب: «الفانوس السحري: قراءات في السينما» للمؤلف السعودي خالد ربيع السيد، فإن دور السينما أدخلت في المملكة العربية السعودية تقريباً منذ بداية السيتينات الميلادية واستمرت حتى أواخر السبعينات الميلادية، ولكنها منعت بعد ذلك لأسباب ربما إجتماعية ودينية. وقبل عدة سنوات، زرت أحد الأصدقاء وأدهشني بعرض مجموعة بكرات لأفلام سينمائية قديمة أحتفظ بها بعد إيقاف سينما أبوصفية في حي الهنداوية بمدينة جدة والتي اشتهرت في السبعينات، وعرضنا بعض الأفلام وأذكر منها أول أجزاء سلسلة أفلام «جيمس بوند» من تمثيل شين كونري وفيلم «حماتي ملاك» لإسماعيل ياسين وخليطاً من الأفلام العربية والغربية المميزة التي اشتهرت في تلك الحقبة الزمنية، ولفت إنتباهي حذف أي مشاهد مخلة سواء باللفظ أو الصورة، ويلاحظ ذلك من سياق العرض. وعلى الرغم أنني لم أحضر عرضاً سينمائياً داخل أي من دور العرض المحلية في فترة السبعينات مثل سينما أبوصفية، والجمجوم في البغدادية، وسراج سحاحير في حي الشاطئ، وسينما عبد الله الغامدي في كيلو2، وسفيان فطاني في العمارية، وسينما الششه وعكاظ في مدينة الطائف وغيرها من دور العرض التي كانت منتشرة في أرجاء البلاد، والتي ذكر في المراجع بأن عددها بلغ 50 داراً للعرض السينمائي، إلا إنني كنت أسمع وأقرأ عنها بأنها دور عرض ترفيهية مخصصة للعوائل وفي أوقات مختلفة للشباب، ويدخلها أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باستمرار لغرض الرقابة. وبالرغم من مرور عدة عقود على حظر السينما، إلا أن المتغيرات الحالية وأثرها على السلوكيات الإجتماعية تدفعنا لإعادة النظر حول رفع حظرها وفق قيود وضوابط تسمح بها، وقد قرأت قبل عامين في جريدة الرياض بتاريخ 12 يناير 2010 تقريراً عن ندوة أقيمت في هذا الشأن تحت عنوان: «دور السينما.. الأغلبية ينتظرون قرار السماح ...»، وعرض فيها طرح شامل لإمكانية التعامل مع الضوابط الشرعية بناء على محفزات التغيير الحالية التي تخفف العوائق. المجتمع بات يدرك أن هناك مطالبات كثيرة إما بتثبيت منع دور السينما أو إعادتها، ولكنني في هذا المقال أبحث في محيط المنطقة «الرمادية» عن جمالية الفكرة الترفيهية لدور عرض السينما، فالكثيرون منا يشاهد الأفلام السينمائية من خلال القنوات الفضائية أو من الإنترنت ومنها الصالح والطالح، ولكن عبر دور السينما بالإمكان إنتقاء الأفلام المميزة والهادفة والبعيدة عن المشاهد المخلة بالآداب، لذلك أتمنى عودة زمن سينما أبوصفية وأصطحب أسرتي لمشاهدة الأفلام المنتقاة بشكل جيد وتكون منضبطة بفترات زمنية للعوائل وفترات للشباب، بدلاً من السفر إلى مشارق الأرض ومغاربها فقط لمشاهدة السينما كما ورد في التقارير الإعلامية.