ما زلنا ندور في فلك لوغاريتمات «السرية» لأشياء لا تستحق كل هذه السرية، وهذا نتاج طبيعي لسياسة التعتيم والتهرب من واقعنا ومن قضايانا الاجتماعية التي تحاط بالسرية في الصحف الورقية منذ عقود وما زالت. حوادث وقضايا كثيرة تبدأ وتنتهي دون معرفة المتورطين فيها وكأن هذه الحصانة التي يتمتع بها الخارج عن«النص» متوارثة أو حق مكتسب له. في قضية حادثة بلجرشي التي راح ضحيتها أب وبتر ليد الأم وتدمير نفسي للأبناء لا تزال الصحف تكتب» تحتفظ الصحيفة بأسماء المتورطين» ولا نعلم لماذا هذه الحصانة، ولماذا لا نكشف المتورطين في الملاحقة والمطاردة الهوليودية الباغية؟ وفي آخر حوادث الملاحقة حادث جسر الرياض ذهب ضحيته شابان بسبب ملاحقات عنترية، تم نشر أسماء الضحايا وأسرهم ولا تزال الصحف تحتفظ بأسماء المتورطين الحقيقيين المتسببين في هذه الكارثة. قد يكون مع الصحف بعض الحق في عدم نشر أسماء المتورطين في بعض القضايا لحين ثبوت الإدانة لكن القارئ لا يطالب بتثبيت القضايا على أناس قد يكونون أبرياء، وإنما يطالب بنشر كل من شملتهم دوائر الأسئلة سواء من منسوبي الهيئة أو غيرهم ثم تنشر أسماء من ثبتت إدانتهم دون مواربة. لزوم «السرية» والتحفظ في نشر بعض الأسماء، نتاج طبيعي لموروث إعلامي مرّ عليه خمسة عقود ونيف، إلى درجة أن بعض الصحف تنشر بعض القضايا وصوراً من الأحداث، فيها كل الأشخاص المعنيين، ومع هذا تكتب الصحيفة العبارة التقليدية «الصحيفة تحتفظ بأسماء كل أطراف القضية».. فسّروها.