يبدو أن التطورات على الساحة السورية لا تنتهي فبعد أكثر من سنتين ونصف السنة من عمر ثورتها، يبدو أن الأوضاع في سوريا عبرت مراحل أدت إلى تحولها إلى أزمة بين القوى العالمية ودفعت إلى خروج القرار من بين أيدي السوريين حكومة ومعارضة. فالمعارضة التي بدت لفترة طويلة موحدة خلف الائتلاف الوطني السوري والجيش الحر، وجدت نفسها دون سابق إنذار في مواجهة مع تنظيم دولة العراق والشام (القاعدة)، ما جعلها تقاتل على جبهتين مما أضاف عبئا آخر عليها وعلى الشعب الذي أصبح ما يقارب ثلثة يعيش بين التشرد والفقر والنزوح، ولكن ولتزداد الأمور سوءا خرجت بعض التشكيلات والفصائل العسكرية لتعلن ولأول مرة أن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة لا يمثلها وكذلك الحكومة التي ينوي تشكيلها في خطوة قد تدخل الثورة السورية في نفق مظلم. ولعل موقف هذه القوى يعبر عن اليأس من الائتلاف الذي باتت تتقاذفه الدول الكبرى من مكان إلى آخر، ومن موقف إلى نقيضه، كما يبدو أن استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام في الغوطة مثّل نقطة انعطاف خطيرة في مسار الثورة والقضية السورية، لتتحول من معركة للحرية إلى قضية نزع الأسلحة الكيماوية من نظام الأسد ووجود مفتشين يحققون إلى آخر هذا السيناريو الذي قد يمتد سنوات، وأصبحت الأزمة السورية ملفا يتفاوض فيه الروس والأمريكان بعيدا عن إرادة السوريين، دون أن يكون لهم أي اعتبار لما يقدمون من تضحيات يومية في مواجهة النظام، ولعل هذا أيضا دفع القوى العسكرية لاعتبار أي حديث عن دور للمعارضة السورية في الخارج مرفوضا. ربما بدا الائتلاف عاجزا عن تمثيل الثورة السورية وأهدافها وربما عجزت أيضا الفصائل العسكرية عن تحقيق الهدف من خلال العمل العسكري، لكن رغم ذلك يمكننا القول إن الثورة السورية حتى الآن تسير على الطريق الصحيح رغم الصعوبات التي تواجهها. لكن خطوة بعض الفصائل العسكرية برفض الاعتراف بالائتلاف ستكون بالتأكيد بمنزلة الطعنة الأولى في جسد الثورة ماسيؤدي إلى شرذمة قوى المعارضة عسكريا وسياسيا أكثر مما هي عليه الآن، وقد تفتح الباب أمام صراعات فيما بين فصائل المعارضة خاصة بعد أن اندلعت المواجهات فعليا مع تنظيم القاعدة، لتكون هذه مقدمة لظهور زعماء حرب، ومصالح خاصة وتجارة مقاتلين وسلاح، وهو ما سيعني بوضوح أن الثورة السورية سوف تقتل نفسها.