يعكس اتفاق الائتلاف الوطني السوري، أكبر تجمع لمعارضي بشار الأسد، مع المعارضة الكردية على انضمامها إلى الائتلاف ما يمكن تسميته «نضجاً سياسياً» اكتسبته قوى الثورة السورية، ما أتاح لها فتح ملف القضية الكردية حتى قبل الانتصار على النظام. إنها خطوة في اتجاه توسيع تمثيل الائتلاف الوطني ليعبِّر حقيقةً عن مختلف مكونات الشعب السوري، وفي هذا رسالة إلى الخارج والداخل مفادها أن سوريا الجديدة لن تكون إلا دولة تقوم على المساواة والمواطنة دون إقصاءٍ لأي مكوّن أو اقتتالٍ أهلي. ويُعد الاعتراف من قِبَل المعارضة السورية بالهوية الوطنية للأكراد بدايةً لإنهاء عصور التهميش التي عاشوها خلال حكم بشار الأسد محرومين من حقوقهم المدنية والسياسية بل إن بعضهم حُرِم من الجنسية. ولعل الاتفاق بين الائتلاف الوطني والمعارضة الكردية يكون سبباً في إنهاء الخلافات التي نشبت بين مقاتلي الطرفين خلال الأشهر الأخيرة نتيجة عدم وجود اتفاقات ثنائية مسبقة سواءً سياسية أو عسكرية، وقد تبدأ مرحلة من التنسيق الميداني بين هيئة أركان الجيش الحر والمجلس الوطني الكردي استعداداً للحسم ضد نظام دمشق. وعلى الرغم من أن اتفاق الأمس لا يرقى إلى مستوى الوثيقة القانونية الملزِمة إلا أنه أظهر بوضوح توفّر النية الحسنة لدى الجانبين واستعدادهما للتعاون السياسي، وهو المطلوب على الأقل خلال هذه المرحلة. وسيكون هذا النضج السياسي لدى معارضي الأسد أحد عوامل تمكين الثورة وتقليص الخسائر في مرحلة ما بعد سقوط النظام التي يُتوقَّع لها أن تتسم بالاضطرابات إذا لم تكن المعارضة مستعدة وعلى اتصال بكافة المكونات. إنها رسالة لباقي الطوائف التي ما زالت تنظر بريبة إلى الثورة ولم تلحق بها بعد.