يبدو أن سوريا الأسد لم تستعد للضربة الأمريكية المحتملة إلا كلامياً، فالنظام يتبنى حالياً، وقبل أيامٍ من تصويت الكونجرس على مشروع قرار بتوجيه ضربة عقابية للسلطة في دمشق، خطاباً سياسياً وإعلامياً لا يقدم للمواطن السوري والمتابع العربي إلا تهديدات كلامية ووعيداً لكل العالم. يواري النظام السوري الآن كل سوءاته خلف أكذوبة ما يسميه رجاله المؤامرة الكونية ل «تحطيم دمشق العروبة والمقاومة»، وهو يتمسح ب «موسكو» ويبالغ في مديحها والتزلف إلى فلاديمير بوتين حتى يدافع عنه بشتى الوسائل. بشار الأسد يدرك أن المجتمع الدولي لن يصمت على جريمة استخدام السلاح الكيماوي لأن الصمت هنا يعني تعريض السلم في العالم إلى الخطر ومنح إيران الضوء الأخضر لحيازة الأسلحة النووية، ورغم ذلك يصر نظامه على التضليل والكذب على الشعب السوري لإيهامه بأن العالم من أقصاه إلى أقصاه يتآمر عليه ويكيد له وأن كل الصراع مرتب مسبقاً. ويصدّر الأسد شخصيات هلامية مرتبطة بنظامه تحفز ما تبقى من مؤيدين له على الاستمرار في هذه السفينة المليئة بالثقوب لأن «النصر قريب جداً» ولأن «حماة الديار يحققون الانتصارات الميدانية وقادرون على دحر الضربة المرتقبة». ولا ننسى أن هذا هو ذات الخطاب الذي استخدمه قائد ليبيا السابق معمر القذافي حتى فوجئ سكان طرابلس بالثوار يدخلون إلى العاصمة من كل حدبٍ وصوب، في نفس الوقت الذي كان فيه الناطق باسم نظامه يطمئن الليبيين بأن السلطة تسيطر تماماً على الأوضاع، ولاحقاً عرف الليبيون أن السيطرة كانت لقوى الثورة وأن القذافي ورجاله فروا جميعاً. يذكرنا هذا الخطاب أيضاً بتصريحات وزير الإعلام في نظام صدام حسين، فقد كان أحمد الصحاف يتحدث عن ميدان معركة آخر وعن معطيات وأرقام مغايرة لما يجري على أرض الواقع، أما النتيجة فمعروفة للجميع.