قبل أن أدعو لك بالرحمة سأسأل إلى من تنتمي؟ وبعدها سأترحم عليك أو سألعنك في قبرك وفقاً للمعلومات المُزكاة التي تصلني من تجار الموت والعملة، وقد أمارس معك نوعاً من التذاكي فأقول إن كل ما أصابك هو فتنة وأنه قد غُرر بك، وطالما أنك لست من نوعيتي وفصيلتي النادرة فأنت لا تستحق أن أترحم عليك؛ لقد وصل بعضنا إلى هذه المرحلة بكل أسف! بعيداً عما تشاهده وتسمعه في وسائل الإعلام، وبعيداً عن الصفوف التي تدعمها أو تلك التي تقف ضدها؛ فبإمكانك بسهولة أن تلمس تراجع القيم الإنسانية بشكل عام، وقد تكون أنت أحدهم وأنا أيضاً لأننا لم نرفض مبدأ القتل بصوت عال؛ بل ربما ما زلنا في أعماقنا نتمناه لطرف دون آخر. تراجعت المقولات والقيم الكُبرى الرافضة لمبدأ القتل نفسه، وأصبحت كلها تقريباً تدور حول طريقة القتل وعدد الضحايا وإلى من ينتمون؟! وكأننا في حالة فرز بدائي وفاضح بين من يستحق أن يُقتل ومن لا يستحق؟ وها نحن نواصل النزف موتاً ولعنات. الشاشات التي تقطر أمامك دماً لا تذكرك بقيمة الإنسان الشقيق لك في تفاصيل الرحلة من الصلب إلى الترائب وفي كل ما تحت الجلد؛ بدليل أنك تقرن ترحمك وحزنك على القتيل وعلى عائلته بالمنظومة التي ينتمي إليها، وبتفسيراتك الخاصة وربما الموتورة عنها. لم يعد النهار الأجمل هو الذي يمضي بلا قتل أو تفسخ جثة مجهولة على ناصية شارع أبله؛ بل ذلك الذي يمضي دون أن يُقتل فيه أحد من فصيلك السياسي أو المذهبي فقط؛ فهل أنت إنسان؟ أم أنك بقاياه المتشنجة في هذا الزمن العار؟! السياسة وكراسي الحكم والمذاهب هي التي تحدد لك موقفك من الدماء الجارية هذه الأيام، ومهما حاولت أن تتجمل بالعدالة والدفاع عن المظلومين؛ فأنت مجرد فرد في طابور طويل من اللاعنين والقتلة، ومشارك بصمتك في هذا الدمار الجماعي؛ راجعوا أنفسكم وضمائركم وتفقدوا الأنسنة في أعماقكم، ولن تجدوا إلا رائحة الدم المختلط بالبارود والتفسخ!! إنها أزمنة الهَرْجْ.