خوضي غمار الليل يا بنت النهارْ وتدثَّري بالرِّيح، بالحُلُمِ الجريحِ وتمتمي في السرِّ قولي إنَّه العصر الذبيحُ إذا رأيت الأحمر القاني يَسيل على خدود الدهرِ تلك دموع عين القهر تسقي النهر، من بعد اللجين دماً تقطَّر من تباريح الشَّهيد , تلمَّسي دمع الورى ، ودعيه يَجمُدُ كالجليدْ، فلربما يوماً ترين الجدب يخصبُ من جديدْ وربما دار المدارُ فأشرقت تلك القفارُ وذاب ثلج الدمع يجري بالنَّضارِ فحدِّثي الزَّمن البعيدَ إذا أتى عمّا مضى عن حاضر نعق الغراب به ومات العندليبْ أرأيتِ كم كذب الرواةُ وزوَّروا الأحداث في العصر الهجينْ وأخال أنك بالحقيقة تنطقينَ وتكتبين حقائق التاريخِ وحدك أنتِ شاهدةٌ على قتل البراعمِ وانتحارِ الياسمينِ فلا تخافي أن تُسمِّي كلَّ أسماء الجناة الآثمينْ فلقد أفاق الرُّشد يا بنت الحياةِ وما استفاق الحقُّ في قلب الطُّغاةِ ولم يثرهم كلُّ لعن اللاعنين، فكلُّ من فيهم كما العجل السمينُ وكل من فيهم ضنينْ يا للزَّبانية الَّذين على الضِّعاف، على الجياعِ كما الضباعُ تحلَّقوا لم يرحموا شيخاً ولا أَمَةً ولا طفلاً ولمَّا يقنعوا بالمال أو ملْكِ اليمينْ وَهْماً يظنون البقاءَ كأنهم كُتِبوا بسفر الخالدينْ أفلا ترينَ الكادحين الصابرين على المظالم والمواجدْ حَلِمُوا فكان جزاؤهم حبل المشانقْ وحياتهم فُرضت عليهم مثل معبودٍ وعابدْ والرافضون مصيرهم سوء المصائرِ إنَّهم يترهَّبون ويُرهبونَ يُصوِّرون الزُّهد في حيل الثَّعالبِ ثم ينقضّون ينتهبون أنفاس النَّسائمِ بينما يبقى السؤال على الشفاه وفي العيونْ أو حينما يأتي الجواب بكل أشكال النَّكال أو المنونْ تعتاشُ بالصَّمتِ البطونُ لكي يحقَّ لها التَّنفس في السكونْ فسواهمُ من ذا يكونُ؟ إذاً فغضِّي الطَّرف يا بنت الربى وذري المواطن تُستَبى لك نظرةٌ أوأنَّةٌ، أو آهةٌ لك فضلةٌ من صيدِ أسرابِ الظِّبى من بعد اشباع الأسود أو الذِّئاب أو الضِّباع أو الجوارحِ إنّما لك قوتُ يومٍ لا يعين على الشبعْ فلتذكري الأحداثَ يا بنت الحياةِ وصوِّري الإحساس عدلاً مفترى لا تسألي الجوعان عمَّا يُزدرى فلِعِلَّةٍ لا نُقْترى ولأننا نحن الَّذين نُباع في سوق المزاد ونُشْتَرى فلعلّ عصراً سوف يأتي قد يَجِدُّ به السُّرى ولعلَّ جيلاً يبتني الأمجاد في عالي الذُّرى ولعلَّ صوتكِ مُسْمِعٌ ولعلَّنا.