العالم يتقدم نحو الحرية ولا يتراجع للقيود، كطبيعةٍ تحكمها الإنجازات العلمية والفكرية، فقلما تجد شعباً يعود للقيود والأفواه المُكمَّمة؛ لأن في ذلك نعتاً له بالجهل الذي لن يرضى شعبٌ على وجه الأرض بوصفه ونعته به، لذلك تتسابق الشُّعوب نحو الحرية حتى أنَّ بعضها يقفز قفزاً إليها! لكنَّنا وفي مجتمعنا نفعل العكس، ونعكس الفِعْل بركضنا الحثيث إلى الخلف؛ حيث القيود الخانقة في كل مكانٍ خُلق لتنفس الحرية وحُريَّة التنفس تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان ولم يُنزلها السلطان حتى، تبدو هذه المسألة واضحة وفاضحة مع كل نتاجٍ علمي أو تقنيٍّ جديد.. أو نافذة فنٍّ صغيرة تُفتح! يُحدّثني أحد كبار السنِّ أنّ آخر مرّة جلس فيها أمام فيلم في قاعة سينما بالسعوديَّة قبل عام 1400ه، ربما لا يعلم الجيل الجديد، وإن عَلِم فلن يستوعب أنَّهُ كان عندنا صالات سينما! وأنَّنا كنا نشاهد فيروز وأم كلثوم وسميرة توفيق على قناتنا الأولى! وإلى سنواتٍ قريبة كان طلال مداح ومحمد عبده وكل الأصوات الجميلة تُحيي ليالي الجنادرية! كانت كل هذه الأشياء موجودة دون أن تُحدث ضجّة، كان المجتمع أكثر تسامحاً وتعايشاً.. ولا أُبالغ إن قلت إنَّهُ كان أنظف منه الآن..! تُرى : أين كنا وكيف صِرنا!؟ وقبل أن يقول قائل: ألا ترى الحُريّة إلاّ بما سقته من أمثلة؟ فسأرد قائلاً: جئني بما يثبت الحُريّة الآن.. وأعِدُك بنسف ما سبق.