* وصفت حديث المعترضين على نتائج انتخابات الأندية الأدبية ب»الثرثرة».. أما زلت على ذات التوصيف غير غافلين رأيك في المجالس المنتخبة والأندية نفسها في ثوبها الجديد؟ أنا لم أقل «ثرثرة» ولكن قلت ما لديهم إلا الكلام؛ أي إن احتجاجاتهم هي على المستوى اللفظي والكلام، وليست على مستوى البراهين والوثائق، باستثناء نادي الدمام الذي قدم وثيقة موقعة من 114 شخصًا بأسمائهم الصريحة وتوقيعاتهم، وأظهروا أرقامًا وحقائق؛ لذلك أنا وقفت معهم، أما ما عدا نادي الدمام فكل تلك الاعتراضات فإنها كانت على مستوى الكلام ولم تكن على مستوى الطعون القانونية الرسمية.. وليس لي رأي آخر؛ فالانتخابات هي حقيقة واقعة، ومجلس الإدارة في كل نادٍ من الأندية هو نتيجة لهذه الانتخابات، في المقابل إذا كانت هناك إشكالات على الانتخابات فهي تعالج تحت عنوان الانتخابات، لأنها تجربة ولا تعالج بمعنى إلغاء التجربة أو رفض التجربة أو تجريحها، إن المعنى الأساسي في شيئين: الأول أن هناك جمعية عمومية وهذا مكسب ضخم، والأمر الثاني أن الجمعية اجتمعت وصوتت وهاتان حقيقتان مهمتان وجود الجمعية ووجود التصويت الانتخابي، فإن كانت هناك إشكالات فهي كما ذكرت تعالج بوصفها إشكالات داخل التجربة وليس خارجها، ويبقى المكسب الكبير وجود الجمعية العمومية، ووجود الانتخاب، ووجود مجالس إدارات منتخبة، واستثني حالة أدبي الدمام لأنها حالة مختلفة، وهي طي العلاج بالتأكيد، فكان مطعن الإخوان في الدمام كان مطعنًا قانونيًا على الأجواء الانتخابية نفسها، ومن يقل: إن التعيين أفضل فهو شخص لا يهمه الشأن الثقافي أبدًا ولا يهمه أن نتقدم خطوة إلى الأمام ولا يصح أن نسمح لأنفسنا الرجوع إلى الخلف، فكل من دخل إلى الجمعية العمومية ليلة التصويت فهو ملزم بنتائج التصويت، ولا يجوز له التحدث عن اللائحة ولا عن الجمعية، لأنه قبل بهما من الأصل، أما أن يغير مواقفه بعد أن ظهرت نتائج التصويت لأنها لم تعجبه فهذا عمل غير أخلاقي وغير صحيح باستثناء من جاء بمطعن قانوني واضح كما جاء من الدمام. تحية رمزية * قطعت وعدًا على نفسك بزيارة أندية مكة وحائل والأحساء بعد الانتخابات.. فلمَ لمْ تفِ بما وعدت حتى الآن؟ أول دعوة جاءتني كانت من مكةالمكرمة للمشاركة ووافقت، وأيضًا أعطيتهم كتابًا من كتبي تحيةً لهم وتحية للمجلس المنتخب وتحية لوجود المثقفة السعودية في مجلس الإدارة منتخبةً، فكانت تحيتي الرمزية لهم أن أعطيتهم وأنني وافقت على المشاركة عندهم، أما نادي جدة الأدبي فهم قدموا دعوة، وأعطيتهم وعدًا بإلقاء محاضرة، أما الأندية الباقية كنادي حائل والجوف والقصيم والطائف هؤلاء اتصلوا يدعونني ووعدتهم؛ ولكن كل هذه الأشياء حسب الطاقة البشرية، فالإنسان كإنسان هو طاقة عقلية وطاقة جسدية أيضًا، فلدّي جهدي الذي أمارسه بمقدار ما أستطيع، ولكن التنفيذ الذي أنا ملزم به الآن هو نادي مكةوجدة. * ولكن ألا ترى بأنها حتى الآن هي مجرد وعود غير موجودة على الواقع؟ هذه ليست وعود، وهي بتواريخ محددة، وهم من سيعلنون عنها ولست أنا. * قررت نشر أحد كتبك الجديدة في أدبي مكة.. فلم خصصته دون غيره من الأندية الأخرى؟ لأنه أول نادٍ أجرى انتخابات في هذه المرحلة، كما أنه النادي الأول الذي فاز في مجلس إدارته أربع مثقفات، وبالتالي للأولية التي صارت فيه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تقديرًا للاتصال الذي جاءني؛ فهم سبقوا غيرهم في تحقيق جلسة الانتخابات، وأيضًا دعوني قبل شهر رمضان، وهذا الموقف الأخلاقي بيني وبينهم محتوم تمامًا. مقاطعة نهائية * يُشاع بأنك وضعت شروطًا محددة للمشاركة في فعاليات أدبي جدة.. فماذا عن ذلك؟ لا أعرف أنني وضعت شروطًا على الإطلاق؛ كان موقفي فقط أن أي نادي معيّن ومجلس إدارته جاءت بالتعيين لا أذهب إليه، وهي مقاطعة نهائية، أما إذا كان منتخبًا فسأذهب إليه.. والنقطة الأخرى أنه إذا كان الانتخاب عليه طعن رسمي كما جاء في نادي الدمام فإني لن أذهب إليه حتى بعد حل إشكال ذلك المطعن، فنادي جدة ليس فيه طعون رسمية، وكانت تلك الطعون هي مجرد كلام ولم تصل إلى الطعن القانوني، لذلك مجلس الإدارة في وضع سليم تمامًا، ويستحق مني أن أحييه على المستوى الرمزي، فعلاقتي مع نادي جدة هي علاقة عميقة، فتجربتي هناك، وأنا مطبوع ومغروس في وجدان نادي جدة، فله حق علّي أن أستجيب، وهو تبادل روحاني وعقلي ووجداني خاصة أن شرط الانتخاب قد اكتمل، فتحيتي لهم. * اسمك يُستدعى دائمًا عند الحديث عن أي حدث أدبي «مثير».. فما السبب؟ والله إنني لا أعلم، ولكن ربما لأنّي قلت في وقت سابق بأني من جنس فئة الحمقى الذي إذا سئل أجاب، ولست أجيد لعبة الحكمة، الذي يتجنب الإجابة أو يجيب إجابة دبلوماسية أو يلطّف القول، ولكن أنا من أولئك الحمقى الذي يقول ما في قلبه ويجعله على لسانه، وربما هذه هي التي أقامت الجسور بيني وبين الناس لأنهم لا يجدون عندي إلا أن أكون كما أنا. خصوم مفيدون * تاريخك مليء بالصراعات والصدامات حتى يعتقد البعض أن الجميع أعداء الغذامي.. هل بقي لديك أصدقاء وأعداء؟ الحمد لله أنا محاط بالأصدقاء في كل مكان، والقضية عندي ليست طرق لأبواب شيء اسمه الصداقة والمحبة، المسألة عندي هو أن أقول رأيي الذي ينفعني أمام الله، وإن تركني هذا الرأي أصدقاء فالحمد لله، وإن ترك لي خصوم فالحمد لله أيضًا؛ لأن الخصوم أيضًا يفيدونك ويحفزونك ويجعلونك تناقش نفسك وتعزز رأيك وتشرحه ويعطيك مدًى زمنيًا إضافيًا لشرح وجهات نظرك والتفاعل والتعامل معها، فالخصوم مفيدون جدًا، بل بالعكس الذي يضر ضررًا كبيرًا هو أن يوافقك الناس على ما قلت حين إذن يموت، يعني أن الاتفاق معك وقبول قولك ينهيك، بمعنى أنك قلت للناس ما يقولونه لأنفسهم أما إن قلت قولاً وخالفوك فيه معناه أننا دخلنا في مجال الحوار والجدل المعرفي والتباحث المعرفي والصراع حول الفكرة وهذا مفيدٌ للضرورة. * سهام نقدك لم يسلم منها المحافظون والليبراليون.. فماذا تريد بالضبط؟ أنا لا أريد شيئًا على الإطلاق، أنا عندي أساس نظري وأساس منهجي وهو أن أطرح الأسئلة على المصطلحات، وأناقش المصطلحات كمصطلح الليبرالية مثلاً، ومصطلح الوسطية، ومصطلح العولمة؛ وهذه الأشياء الثلاثة أنا بصدد تناولها لتصدر في كتاب إن شاء الله، وبالتالي أنا قلت من قبل وأقولها الآن حين تقرر لنفسك أن تكون مثقفًا مستقلاً معناه أنك كتبت على نفسك رحلة الشقاء لذلك أصبحت خصمًا لنفسك. * الدكتور سعد البازعي فاز مؤخرًا بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب في مجال اللغة العربية وهو كما وصفته سابقًا بأن فكره «رجعي ثقافي» وأنه يمثل الرجعية الثقافية.. هل يعني هذا أن الوزارة لم توفق في منح الجائزة.. أم أن الجائزة قد فاز بها «الرجعيون»؟ أعذرني أخي فهد، لن أجيبك على هذا السؤال. * إذًا ما هي وجهة نظرك في الجائزة؟ أنا شخصيًا أقول مبروك لكل من فاز والذي يفرح بها له الحق أن يفرح. * ولكن يا دكتور يقال بأنك قمت برفض الجائزة وهددت أحد أعضاء اللجنة؟ نعم هذا صحيح.. أنا رفضت الترشيح لها، وعلمت من بعض الإخوان أنهم قدموا أحد كتبي فأنذرتهم إنذارًا صارمًا وصارخًا بأنه لو حدث فسأرفض الجائزة، لذلك أجبرتهم على سحب كتابي لأني لا أريد أي جائزة، لأني في حياتي حصلت على جوائز بما يكفي، ومن المفترض أن أترك الفرصة لغيري وأفرح لهم.. لذلك أنا رفضت وبإصرار. * استخدمت لغة التهديد مع الدكتورة نوره الشملان مسؤولة الجمعية العلمية للجائزة وكان حديثك قاسيًا معها.. ماذا دار بينكما؟ عندما اتصلت بي الدكتورة نوره الشملان سمعت مني كلامًا قويًا وشديدًا ووجهت لها إنذارًا واضحًا وهددتها بأنه لو ظل كتابي عندهم كما يريدون هم أن يضعوه وحدث أن فزت بالجائزة فحينها سأعلن رفضي للجائزة، وسأعلن أنني رافض للترشيح وبهذا الضغط قاموا بسحب كتابي. * لو خرجنا قليلاً عن الأدب والنقد وسألناك عن الفن السعودي في الوقت الراهن.. إلى أين هو ماضٍ؟ الآن الذي أمامنا متحرك هي المهرجانات الثقافية الفنية وهي بالنسبة لي علامات ثقافية وإنتاج ثقافي. * هل سمعت بسينما ومسرح سعودي؟ نعم؛ لدينا محاولات سينمائية صادقة وجادة، لكن كما تعلم هي محدودة ولم تشكل خطابًا سينمائيًا، وهي فقط تشكل تجارب سينمائية. * كيف لو تم فتح دور عرض سينما؟ أريد أن أبحث سببًا لمنعها أو التخوف منها، لا أجد سببًا، فالمسألة ليست سينما أو تلفزيون أو راديو؛ المسألة هي المادة التي تأتي مثلها مثل الكتاب والصحيفة، والسؤال يأتي إلى المادة نفسها، إذا هي معيبة نتعامل معها كجزئية وكموقف وحالة راهنة.. فقد قلنا من قبل عن التلفزيون والراديو والصحن الفضائي وتبيّن فيما بعد أنه لابد أن نستخدمها؛ بل إن أكثر الناس ارتباطًا بالقيم الإسلامية العميقة هم الذين صاروا ليسوا يستخدمونها فقط بل يعملون محطات باسمهم وينشئون فضائيات لأنها وسيلة، أما كيف تستخدم الوسيلة فهذا سؤال يتلو وجود الوسيلة. * تخيّل معي أن السينما أصبحت موجودة في المملكة وعلى إثرها فُتحت دُور العرض.. كيف سيكون الوضع؟ لا أدري! فمشكلتي أنا كباحث وبكل منهجية أنني أرى ما يقع ولا أتخيل، لذلك لا بدّ أن أتصور، وأعتقد أن ليس في الأمر شيء مثلها مثل المدارس عندما فصلنا بين مدارس الأولاد والبنات وعرفنا أن نضع تنسيق وهيكلة علمية وتعليمية فالسينما تستطيع أن تضع لها هيكلة والمسألة محسومة ونجعل الظروف الاجتماعية تسير في المسار الذي يتفق مع شروطنا وشروط حياتنا. * طالبت الفنان محمد عبده سابقًا بالتوقف ولكنك في نفس الوقت رفضت أن تنصحه بالتوقف بسبب أنه لا يعنيك.. فماذا تطلب منه الآن ولماذا لا تريد نصحه؟ أنا لم أطلب منه التوقف على الإطلاق، وهذا ليس واردًا أبدًا، ولست وصيًا على أحد، ولا يصح أخلاقيًا أو منهجيًا أن أقول لأحد افعل أو لا تفعل.. أنا سئلت عن محمد عبده وقلت بأنه فقَدَ صوته الطربي المتنوع المتشكل الذي كان عليه سابقًا، ودخل في مرحلة أصبح صوته له قيمة إنشادية ويتحرك على مستوى واحد ولا يتنوع، والمستوى الواحد في الغناء عادةً يصبح مملاً ومرهقًا، وأصبح محمد عبده يعتمد على اسمه وعلى تاريخه أكثر من المنجزات، فلو قارنت الآن أدائه الذي يؤديه فيما كان له من رصيد سابق فإنك لا تجد أي مقارنة على الإطلاق، فصوته تحوّل إلى صوت منشد، فالمنشد كما كنّا نمارسه في المدرسة وجميع طلاّب المدارس مررنا بمراحل الإنشاد، وكنا منشدين ونعلم أن الإنشاد هو إيقاع واحد ولا يوجد فيه التنوع في الألحان وفي الأداء والمقام وكل هذا غير موجود.. لكن الغناء بفهومه الفني يقوم على تنويعات كثيرة، فأنت عندما تسمع أم كلثوم ووديع الصافي وطلال مداح وفوزي محسون فإنك تجد عندهم طاقة هائلة في التنويع وفي الألحان الطربية.. وما نسمعه الآن هو إنشاد بإيقاع واحد. * وكيف ترى إلى المطربين الآن بشكل عام؟ للأسف لا أجد هناك في الساحة من يستطيع أن يغيّر من ثقافة وذهنية الموروث الغنائي الذي كان لنا في السنين الماضية، ولا يوجد ملمح قوي، وربما أنا أنتمي للأذن المحافظة موسيقيًا التي تنتمي إلى جيل أم كلثوم وفيروز وهؤلاء هم من دربوا آذاننا، لكن ما نراه الآن بعد دخول الفيديو كليب والاعتماد الكبير على الصورة والحركة والموسيقى الصاخبة السريعة وهي أصبحت موضة وبالتأكيد إنها ثقافة مرحلة. * البعض يرجع هجومك على محمد عبده لكونك «طلالي» الهوى.. فما ردك؟ نعم أنا أحب طلال مداح - يرحمه الله - بلا شك؛ فطلال كان يضرب في أعماق النفس بصوته وبأدائه وبفنه وأيضًا تاريخه الشخصي، فهو رجل خيّر وطيب، ومذكور بخير كثير دائمًا خصوصًا عطفه مع الفقراء وعطائه المستمر وكرمه مع نفسه وهذه عوامل أخلاقيه يجدها عند الله بإذن الله.. لكن طلال كفنان فهو بالنسبة لي يمثل نوعية الطرب الذي أحبه بكل تأكيد. * لو كان حيًا طلال مداح هل سينال على لقب فنان العرب؟ عندما ينال شخص على لقب «فنان العرب» ولا يطربني فهذا اللقب ليس له أي معنى، وكل شخص له خياراته. * معلوم عنك عشقك لنادي الاتحاد.. فكيف تصف ما يمر به من أزمة في الراهن؟ للأسف متابعتي للاتحاد ومحبتي الكبيرة له انعكست سلبًا عليّ، فهي دفعت من مشاعري وهدوئي وراحتي، لذا حاولت أن أتجه لمتابعة فريق برشلونة حتى وإن انهزم فليس لديّ مشكلة في ذلك، فكرة القدم استمتع بها ويعجبني اللعب الجميل؛ ولكن أنا بلغت من السن مبلغًا لا أريد أن أدفع ثمنًا لهذه المتعة، ولكن في شبابي كنت أتحمل بعض الظروف التي مر بها الاتحاد، أما الآن لا أستطيع أن أتحمل تقلبات الاتحاد، ولا أتحمل رفع الضغط ونزوله، فأنا وضعت نفسي متابعًا لبرشلونة حتى لا يرفع ضغطي من الاتحاد. ضد التعيين * ما هو رأيك في انتخابات اتحاد كرة القدم.. وهل تؤيد التعيين؟ أعوذ بالله ولا يمكن أبدًا وأستحي من الله أن أؤيد أي تعيين في الكون، فأي تعيين لا يمكن أن أؤيده أو أقف معه، وأي انتخاب أنا معه حتى لو كانت هناك عيوبًا؛ لأننا نستطيع إصلاح عيوب الانتخابات، لكن لا أحد يمكنه إصلاح عيوب التعيين أبدًا.