واين داير فيلسوف روحاني انتقل مؤخراً للعيش في جزيرة هاواي، وهو رجل يحظى بشهرة عريضة على المستوى العالمي، وقد عرفه العالم العربي بعد ترجمة بعض كتبه. ويعتبر واين باعث فكرة قانون الجذب في السنوات الأخيرة، وكل من يحاضر في هذا الموضوع هو في الحقيقة ناقل عنه أو ناقل عن تلاميذه، ولا يخرج عن ذلك الدكتور صلاح الراشد الذي يبث الآن برنامجاً اسمه (خذها قاعدة). وإن كان نابليون هيل قد كتب قبله في مطلع القرن العشرين في هذا المضمار بتركيز على النجاح فيما يتعلق بالأعمال. وقد عرف داير الشهرة قديماً في عام 1976 عندما خرج كتابه الأول (مناطق ضعفك)، إذ بقي متصدراً قائمة أفضل المبيعات لفترة طويلة. وكان موضوعه المفضل هو تطوير الذات والتفاؤل وكيفية الوصول للنجاح والسعادة. وقد شاهدتُّ ل(واين) عدداً من البرامج بدت لي جيدة وتحمل همّاً مشتركاً عند الناس، وقد كان حريصاً على ألا يصنَّف بأنه يبشر بعقيدة معينة، بل حرص على أن يكون قريباً من الجميع: مسلمين ومسيحيين وبوذيين ولادينيين. إلا أنه قد وقع في يدي كتاب له صدر في 2012 ولم يترجم بعدُ للغة العربية. هذا الكتاب يختلف عما كان يطرحه في تلك البرامج. اسم هذا الكتاب هو (تحقيق الأماني)، وموضع الاستغراب عندي هو أن الرجل قد قفز قفزة كبيرة ليفصح أنه على عقيدة وحدة الوجود، مثلما كان ابن عربي الطائي، ومثلما كان الحسين بن منصور الحلّاج. واين داير هنا ينفي أن يكون هناك أي مؤثر سوى الإنسان نفسه، بل لا وجود لإله سوى هذا العالم الذي إذا توحد معه الإنسان أصبح إلهاً. وهنا يتهجم داير على الدين ومفهوم الناس كلهم عن الإله المتعالي، ويزدري الأديان بالمرة ويرفض كل ما تقرره الكتب السماوية، ليقرر عقيدته هو: أن ليس في الجبّة إلا الله. وليس وراء هذا الكفر كفر. بقي أن أقول إن واين داير عندما بلغ سن السبعين طلق زوجته وانتقل من فلوريدا إلى هاواي ليعيش ما أسماه بحالة الشباب الأبدي، يعني الشباب الذي يتحدى الموت. فكرة سيكتشف قريباً أنها كانت أحد أخطائه القاتلة. يمكنني أن أقبل من قانون الجذب جزئية أن الدعاء والصلاة والاستغفار سبب لتحقق الأماني، وأن الإنسان عندما يدعو الله دعاء المضطر المستيقن بنصر الله له واستجابته له، يمكن أن يستجاب له خصوصاً عندما يكرر الدعاء والصلاة حتى تتحقق له تلك الرغبات. ولو أننا تركنا فلسفة واين داير واستبدلنا بها سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لوجدناه أكثر الرجال إيجابية وتفاؤلاً، ولوجدناه يقول: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة»، وينقل عن الله «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء»، ولوجدنا الله يقول في محكم التنزيل (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً). هذا هو طريقنا بين الرجاء والخوف حتى تتحقق أحلامنا.