عندما نشهد تقصيراً أو مخالفة أو فساداً، لماذا نخاف الإبلاغ والشكوى؟ غالباً لخوفنا من العواقب والمشكلات المترتبة على هذه الشكوى. عادة ما يردد المسؤولون بأن النظام كفل حق المواطن والموظف لكن لا يزال الخوف يكمن في أنفسنا من الإبلاغ وكشف الخطأ. فلماذا؟ لعدة أسباب منها مجتمعي وثقافي ومنها نظامي في حد ذاته. تسود لدينا ثقافة ستر العيب والتغاضي وهي شيم صالحة في جوهرها التسامح والصفح. لكننا «زوّدناها حبتين» فأصبحت تشمل التغاضي عن الفساد وتبعاته فتزهق أرواح مرضى وتضيع حقوق مساهمين وتقع جرائم لم نكن نسمع بها من قبل. أصبح موقع تويتر من أهم وسائل كشف المخالفات والمصائب الدفينة التي لم يكن المسؤول على علم بها. وبرأيي أن جهل المسؤول بما يحدث وراء الكواليس دلالة على تقصيره أو عدم كفاءته لشغل منصبه، فكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته. إذن فالرعاية متصلة بالمسؤولية والمحاسبة والدراية وأصبح المنصب الذي كان مطمع كثيرين، يعزف عن شغله كثيرون من أصحاب الضمائر لهذا السبب. من المهم كذلك أن يكون النظام محكماً فيكفل لصاحب الشكوى خصوصيته بحيث لا يتضرر من الإبلاغ. أما ثقافياً ومجتمعياً فالسائد أن العلاقة بين أفراد العائلة والأصدقاء أهم من درء الفساد ودفع الخطر ومعاقبة المتسبب، وهي ثقافة ينبغي أن تتوقف عند حدود الضرر العام. وعلى الآباء تنمية حس الضمير في أبنائهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن الخطأ دون خوف بل وزرع حس المسؤولية في نفوسهم تجاه المجتمع بحيث نصبح كلنا مسؤولين عن اجتثاث الخطأ والقضاء على فكر «وأنا مالي»؟