وقع ما حذّر منه الجميع، لبنان يتضرر يومياً مما يجري في سوريا، وبالتحديد من تدخل حزب الله عسكرياً في الصراع بين نظام دمشق والجيش الحر. الرئيس اللبناني ميشال سليمان دعا سابقاً جميع الأطراف إلى تفعيل النأي بالنفس عن الساحة السورية منعاً لامتداد الصراع، لكن حزب الله لم يستجب. دخل بأوامر إيرانية، واعتبر أن من حقه أن ينقل مسلحيه عبر الحدود، رغم كل التحذيرات. الآن لبنان يشتعل، والجيش يحذر من حرب أهلية جديدة، السلاح لم يعد حكرا على طرف بعينه، فالكل يتسلح، والكل يجند المقاتلين، والقيادة العسكرية تسعى لإنقاذ البلاد من اقتتال أهلي يعيد اللبنانيين إلى السنوات ما بين 1975 و1990. الحديث عن نزع السلاح يعيد لبنان مجددا إلى الملف الشائك، الأمر يتعلق بسلاح حزب الله، الملف الذي يرفض قادة الحزب الاقتراب منه، لا قبل الصراع السوري ولا بعده، هذا التحدي للدولة كان طبيعياً أن يولِّد لدى أطراف أخرى الرغبة في حمل السلاح، هذه الأطراف لن تقبل بإلقائه إلا لو نُزِعت ترسانة أسلحة حزب الله. لبنان يتأثر سلباً بالصراع السوري، ولا يؤثر فيه، فسِلْمه الأهلي في خطر، والمشهد السياسي فيه مصاب بشلل تام، والحكومة الجديدة لم تتشكل بعد، والفرقاء يواصلون التراشق فيما بينهم، فيما يسيطر الاستنفار على المدنيين قبل القوى الأمنية والجيش. المواجهات في صيدا بين الجيش ومجموعة الشيخ أحمد الأسير تعد أعنف حادثة تمثل المؤسسة العسكرية أحد طرفيها منذ أحداث النهر البارد عام 2007. يبدو المشهد مفتوحا على جميع الاحتمالات، وقد تسجل الساعات المقبلة مزيدا من التوتر، ولعل هذا ما دفع المملكة إلى مطالبة جميع الأطراف اللبنانية بوقف الاشتباكات، وعدم التصعيد، والإعراب عن قلقها البالغ مما يجري في جنوب لبنان.