يتساءل العديد من المراقبين عن الموقف الذي سيتبناه الجيش في حال فوز الإسلاميين بالانتخابات البرلمانية المقررة الربيع المقبل في الجزائر، على خلفية صعود التيار الإسلامي في كل من مصر وتونس والمغرب. وسبق للجزائر أن خاضت تجربة مريرة ، إثر تدخل الجيش في توقيف المسار الديمقراطي ، عندما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية مقاعد البرلمان في يناير 1992، متقدمة على جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم في البلاد آنذاك، وهو نفس السؤال الذي تطرحه بعض البعثات الدبلوماسية الغربية في الجزائر على ضيوفها من السياسيين الذين استقبلتهم في الفترة الأخيرة من بعض قادة الأحزاب الإسلامية. وجاء الرد على لسان وزير الخارجية الجزائري من واشنطن والذي كان يتحدث خلال ندوة فكرية من تنظيم مركز التفكير الأمريكي حيث قال إن “الجيش الجزائري جيش جمهوري يحترم قواعد الدستور الجزائري”، مشيرا أن التوجه الإسلامي في الجزائر ليس جديدا على الساحة، “لأنه موجود فيها وأن النظام السياسي الجزائري سبق له منذ عدة سنوات ، ووافق على منح مكانة للإسلاميين”. وكانت بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر كحركة مجتمع السلم وحركة النهضة شاركت في السلطة منذ عدة سنوات، كما أن السلطة في الجزائر ليس لها حكم مسبق على الإسلاميين، عكس ما كان قائما في تونس ومصر وبشكل أقل المغرب ، حيث كانت تلك القوى الإسلامية محظورة وممنوعة من النشاط العلني والحزبي. ودفعت أحداث الربيع العربي بالقوى الإسلامية في كل من مصر وتونس إلى الواجهة وشبه البعض هذا الصعود ب “الهلال الإسلامي” فحركة النهضة التونسية بعد سنوات من القمع والحصار الذي فرضه (نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي) تولت زمام الحكومة في البلاد، وحزب العدالة والتنمية المغربي صعد إلى الحكم وأزاح حزب الاستقلال من السلطة، كما حصد الإسلاميون في مصر ثلثي مقاعد مجلسي الشعب، في انتظار أن يكتمل الهلال بفوز إسلاميي الجزائر حسب قراءة الأكثر تفاؤلا. وسبق لقائد أركان الجيش الجزائري الفريق محمد العماري أن أعلن بمناسبة رئاسيات 2009 أن الجيش سيحترم إرادة الناخبين حتى لو اختار الجزائريون الشيخ جاب الله لمنصب رئيس الجمهورية، وكان تصريح الفريق لافتا في البلاد، عندما دافع عن حياد المؤسسة العسكرية وسط اتهامات بأن للجيش مرشح لم يود الكشف عنه، ودفعت أحداث توقيف المسار الانتخابي الجيش إلى واجهة الأحداث وجعلته يقف في مواجهة مفتوحة مع صعود الإسلاميين في ظل دعم دولي لهذا المسعى، ويرى عدد من المراقبين أن الظرف الحالي لن يسمح بتكرار نفس السيناريو ويدفع ببعض القوى الإقليمية إلى الانسجام مع المعطيات الدولية الجديدة حتى بقبول صعود الإسلاميين إلى الحكم في المنطقة.