في ظل الأوضاع السياسية التي يشهدها العالم العربي، يسجّل الأدباء السعوديون انعطافة مفاجئة نحو السياسة، وتمتلئ مدونات غالبية الأدباء السعوديين وصفحاتهم على «فيسبوك» و»تويتر»، بالكثير من الآراء والتحاليل السياسية حول ما يحدث في النفق العربي المظلم على نحو غير مسبوق. جدل ساخن عبدالله الغذامي ويبدو هذا الصباح سياسياً بامتياز لدى هؤلاء الأدباء، مثل كثير من صباحات هذا الصيف الساخن، فهذا هو الدكتور عبدالله الغذامي، أستاذ النظرية والنقد الثقافي، يفجّر جدلاً ساخناً بتغريدة قال فيها: «لو انتصرت إيران في سوريا، فهي الكوارث على الأرض والبشر والتاريخ»، ليلتقط الحوار الروائي عواض شاهر العصيمي الذي يكرّس غالبية «حالاته» لمتابعة الوضع في سوريا، معلقاً بالقول: «وضوح الدكتور عبد الله الغذامي حيال موقفه من إيران وسعيها الحثيث إلى سحق الثورة في سوريا، يستحق إعجابي وإشادتي». لكن الجدل لا يمضي نحو القبول، فثمة آراء أخرى تتقدم للاختلاف، حيث يذهب الدكتور جمعان العبدالكريم إلى رفع صوته محذراً من أن هذا الأمر «يصب في التجاذب الطائفي أكثر منه في الموقف من الحرية التي يسعى لها الشعب السوري لأن الكوارث على الأرض والبشر والتاريخ لا يعدلها كارثة شعب بحث عن طريق للتحضر فتم التآمر عليه وإقحامه في معادلات طائفية قذرة». وعلى هذا النحو تبدو مدونات الأدباء السعوديين وصفحاتهم على الشبكات الاجتماعية في الإنترنت، حيث يقدمون آراء سياسية عالمية وعربية ومحلية ظلت طويلاً خافية على الكثيرين، لكنها اليوم في قلب المشهد بفضل المتغيرات الكبرى التي ظهرت على المشهد الإعلامي. وسائط حديثة عواض العصيمي وحتى وقت قريب لم يكن الصوت السياسي للأدباء السعوديين جلياً بما يكفي، لكن يبدو أن ظهور الوسائط الحديثة على شبكة الإنترنت قد ساعد هؤلاء ووفر لهم منابر للجَهر بآرائهم لم تكن تتوفر سابقاً، وفي هذا السياق يقول العصيمي: «قبل مواقع التواصل الاجتماعي كنا نتمنى أن يأتي يوم نتحدث فيه بصراحة ودون خوف من حراس الإعلام وخفراء الثقافة الواحدة، وعندما جاء هذا اليوم ظلّ يلازمنا الخوف من الحراس والخفراء أنفسهم، ويُضاف إليهم كل من له (سحنة) مماثلة ولو من بعيد». يأس سياسي أحمد الدويحي وعلى الرغم من أن هناك من يقول أن حالة الأدب في العالم العربي تشكّل انعكاساً إلحاقياً للسياسة، فإن الروائي أحمد الدويحي، على سبيل المثال، والذي يتابع كذلك باهتمام كل ما يحدث على خريطة العالم العربي، يعتقد جازماً أنه» إذا كانت الحرية والديمقراطية المنتظرتان في العالم العربي، تمثل ما رأينا البارحة ( مساء الجمعة) في شوارع القاهرة من خطابات، وما سمعنا في مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل قبل قليل، فبئست من حرية وبئست من ديمقراطية»، لكن الشاعر عبدالرحمن موكلي سرعان ما يبدي اعتراضه على «اليأس» السياسي للدويحي، حين يقول معترضاً: «ما يحصل في القاهرة واليمن نتاج تراكمات السنين، التغيير في الأمم يحتاج سنوات وقد يموت جيل وجيلان ولا يحصل التغيير المنشود». دفاعاً عن الوعي عبدالعزيز الشريف وليس بعيداً عن «الآراء والتحاليل السياسية» للأدباء السعوديين، إن ثمة أدباء آخرين كرّسوا أنفسهم وكتاباتهم للدفاع عن الوعي السياسي والحقوقي للمواطن، ويبرز في هذا الإطار القاصّ صالح الأشقر الذي يتابع قضايا حقوق الإنسان على مستوى العالم ويقدم إضاءات عميقة حول الفئات المهمشة وسجناء الرأي واللاجئين ويدافع حتى عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. ويؤكد الشاعر عبدالعزيز الشريف أن مثل هذه الطروحات تدل على تنامي الوعي بضرورة الالتحام بالواقع المُعاش، وأنها ستساهم حتماً في تشكيل وعي سياسي وثقافي مختلف مايزال في طور التكوين.